، وهي منزلة عظيمة لم ينلها أحد من العالمين غيره صلى الله عليه وسلم كما بينت من أقوال العلماء.
فيطمئن صلى الله عليه وسلم على ما فات من حياته المباركة- قبل النبوة وبعدها- ويسعد بما يستقبل في بقية حياته، فلا حزن على ما فات ولا خوف على ما سيأتي، وهذا يحقق غاية السعادة وراحة القلب.
أن النبي صلى الله عليه وسلم أمن الخوف من سؤال ربه- تبارك وتعالى- في الدنيا والآخرة، وليس ذلك لأنه أمن مكر الله- حاشا لله- ولكن بسبب تصديقه صلى الله عليه وسلم لخبر ربه- عز وجل-.
، بل ضم إلى ذلك إتمام النعمة والهداية إلى الطريق المستقيم. قال الإمام الطبري في معنى: وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ ما نصه:
(بإظهاره إياك على عدوك ورفعة ذكرك في الدنيا وغفرانه ذنوبك في الآخرة) (?) .
الدنيا والآخرة، وفي أمري الدين والدنيا، وفي أمره خاصة وأمر أمته: قد بلغت الغاية والمنتهى في الكمال والجمال، وهذا مقتضى قوله تعالى: وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ.
، لقوله تعالى: وَيَهْدِيَكَ صِراطاً مُسْتَقِيماً، فمن شكك في عصمته فلا يخرج أمره عن حالين، إما أن يكون مكذبا لكلام الله- عز وجل-، وإما أن يظن بالله ظنّا سيئا، حيث ظن أن هدى الله فيه الخطأ والزلل.
هل يعني قوله تعالى: لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أصاب شيئا يستحق معه المغفرة؟ أقول: لا، بل نجزم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقترف في حياته- قبل البعثة وبعدها- صغيرة فضلا عن كبيرة، وقد بينت ذلك في أكثر من موضع في هذا الكتاب، ولكن أقول: إن تلك المغفرة هي درجة عالية رفيعة، حتى مع كونه صلى الله عليه وسلم معصوما، وقال آخرون: مغفرة ذنبه صلى الله عليه وسلم يكون على تركه الأولى من الأمور أو فعله