وَمنهم مَن يَجعَل منَزلَته بين (?) الإيمَان وَالكفر (?)، فَيكون هوَ أقوى اجتنِاباً عَن الكذِب حَذراً عَن الخروج مِن الدين؛ وَلأنه مُسلم عَدل لا يتعَاطى الكذب فوجَبَ قبُول شهادَته، قياساً عَلى غَير صَاحِب الهَوى وَهَواه عَن تأوِيل وَتدَين، فَلاَ تبطل عدالته به، كَمَن يبيح [19/أ] المثلث (?) أو مَتروك التسِميَة (?).
واستدَل محمد (رَحمهُ الله) عَلى قبول شهادته، فقَالَ: أرَأيت أن أصَحاب رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ تَعَالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاعدوا مُعَاوية عَلى مخالفَة عَلي، وَلو شهُدوا بَيْنَ يَدي عَلي أكانَ يردّ شهادَتهم؟ وَمخالفَة عَلي بَعدَ عثمَان بدعَة وهَوى، فكيفَ الخُروج عَليه بالسّيف؟ وَلكن لما كَانَ عَن (?) تأويلٍ وَتدينٍ، لم يمنَعْ قبول شهادَتِهِ أن يكونَ هوى لا يكفر بِهِ صَاحِبه.
وأَّما مَا ذَكره القهُستاني (?) مِن أنه لا يقال: إن أهل الأهواء فاسقون بهَذِهِ الاعِتقادَاتِ، فكَيفَ تقبل شهادَتهم مُطلقاً؟ لأنا نقول لاَ نسَلم أنهم فاسَقونَ، فإن الفِسق لاَ يُطلق عَلى فِعل القلب - كَمَا في الكرمَاني - فخَطأ فَاحِش مِن قائلِهِ وَناقِله، بَلاَ تقدم مِن أن الفِسق مِن حَيثُ الاعتِقاد اغلظَ إلى الفِسق من حَيثُ