ومقتضى كلام ابن عرفة أَن التحليل والتحريم لا ينبني عَلَى إمضاء حكم (?) القاضي ونقضه، فأنّه ذكر كل مسألة منهما فِي موضعها عَلَى حدتها، ولا إشارة لملازمة بينهما، فتأمله.

لا أُجِيزُهُ، أَوْ أَفْتَى.

قوله: (لا أُجِيزُهُ، أَوْ أَفْتَى) أصله قول ابن شاس: لَو رفع إليه نكاح امرأة زوجت نفسها بغير وليٍ؟ فقال: أنا لا أجيزه، ولم يحكم بفسخه، فهذا ليس بحكم ولكنه فتوى (?)، فتبعه ابن الحاجب (?)، وقال ابن عبد السلام: أنّه متفق عَلَيْهِ، ونحوه لابن هارون، فقال ابن عرفة: مقتضى جعله فتوى أَن لمن ولي بعده أَن ينقضه ضرورة أنّه لَمْ يحكم بِهِ الأول، والظاهر أنّه لا يجوز للثاني نقضه؛ لأن قول الأول حين رفع إليه: لا أجيزه ولا أفسخه حكم منه بأنّه مكروه، والكراهة أحد أقسام الشرع الخمسة يجب رعي كلّ حكم منها، ولازمه وحكم المكروه عدم نقضه بعد وقوعه؛ ولا سيّما عَلَى قول ابن القاسم فِي حكم الحاكم إِذَا كَانَ متعلقه تركاً. انتهى، فليتأمل.

وَلَمْ يَتَعَدَّ لِمُمَاثِلٍ، بَلْ إِنْ [73 / ب] تَجَدَّدَ، فَالاجْتِهَادُ كَفَسْخٍ بِرِضَاعِ كَبِيرٍ، وتَأْبِيدِ مَنْكُوحَةِ عِدَّةٍ، وهِيَ كَغَيْرِهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ ولا يَدْعُو لِصُلْحٍ، إِنْ ظَهَرَ وَجْهُهُ، ولا يَسْتَنِدُ لِعِلْمِهِ، إِلا فِي التَّعْدِيلِ والْجَرْحِ كَالشُّهْرَةِ بِذَلِكَ، أَوْ إِقْرَارِ الْخَصْمِ بِالْعَدَالَةِ، وإِنْ أَنْكَرَ مَحْكُومٌ عَلَيْهِ إِقْرَارَهُ بَعْدَهُ لَمْ يُفِدْهُ، وإِنْ شَهِدَا بِحُكْمٍ نَسِيَهُ أَوْ أَنْكَرَهُ أَمْضَاهُ.

قوله: (وَلَمْ يَتَعَدَّ لِمُمَاثِلٍ، بَلْ إِنْ [73 / ب] تَجَدَّدَ، فَالاجْتِهَادُ كَفَسْخٍ بِرِضَاعِ كَبِيرٍ، وتَأْبِيدِ مَنْكُوحَةِ عِدَّةٍ، وهِيَ كَغَيْرِهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ) هذان المثالان ذكرهما ابن شاس فقال: إِذَا رفع إِلَى قاضٍ رضاع كبير فحكم بأن رضاع الكبير يحرم وفسخ النكاح من أجله فالقدر الذي يثبت بحكمه هو فسخ النكاح فحسب وأما تحريمها عَلَيْهِ فِي المستقبل فأنّه لا يثبت بحكمه، بل يبقى ذلك معرضاً (?) للاجتهاد فيه، وكَذَلِكَ لَو رفعت إليه حال امرأة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015