يجب الغسل بالمني وإن خرج بعد ذهاب اللذة بلا جماع، أو خرج بعد ذهاب اللذة بالجماع، والحالة أنه لَمْ يغتسل لذلك الجماع، ومفهومه أنه لو اغتسل للجماع لَمْ يعد الغسل لخروج المني، وبه صرّح فِي قوله: (كمن جامع فاغتسل ثم أمنى)، وبسط ذلك:
أن المسألة عَلَى وجهين أحدهما: أن يلتذّ بغير جماع ولا ينزل ثم ينزل. والثاني: أن يجامع ولَمْ ينزل ثم يغتسل ثم يخرج منه المني، فقيل: بالوجوب فيهما؛ لأنه مستند إِلَى لذة متقدمة، وقيل: لا فيهما؛ لعدم المقارنة؛ ولأن الجنابة فِي الثاني قد اغتسل لها، [والقول الثالث: التفرقة فيجب فِي الأول دون الثاني؛ لأنه فِي الثاني قد اغتسل لجنابته، والجنابة الواحدة لا يتكرر الغسل لها] (?). وقد ذكر اللخمي والمازري وغيرهما الثلاثة الأقوال، وكذا قرر ابن هارون قول ابن الحاجب: ولو التذّ ثم خرج بعد ذهابها جملة فثالثها إن كان عن جماع وقد اغتسل فلا يعيد (?)، وتبعه فِي " التوضيح (?) " واقتصر هنا عَلَى الثالث.
فإن قلت: فأي فائدة فِي تصويب ابن الفتوح؛ مع أن من جامع ولَمْ يغتسل ذمته عامرة بالغسل وإن لَمْ ينزل؟
قلت: فائدته فِي المفهوم، إلا أن التصريح به يضعفها، ولكلام المصنف محمل آخر ذكرناه فِي التي بعدها (?).