بالتنبيه على جهات الفرق. فنعود إليه بإبطال جهات الفرق.
وكذلك نقول: قليل الدم إذا خرج من الفصد لا يبطل، [فكذلك] كثيره لا يبطل، لأن القليل كالكثير، وعرف مماثلته له بالإضافة إلى مأخذ الخصم. فإن مأخذه الحاق جميع المواضع بالمحل المعتاد، وفي المحل المعتاد يستوي القليل والكثير. فإذا لم تكن سائر العروق في معنى المخرج المعتاد في القليل، لم يكن في معناه في الكثير: الذي هو مثله في هذا المحل.
فإن قيل: قول الشافعي -رضي الله عنه- ذكاة لا تفيد [حل اللحم]، فلا تفيد طهارة الجلد -ما مأخذه؟.
قلنا: هو أن نقول: طهارة الجلد نتيجة حل اللحم، فإنه لما كان يؤكل على الرؤوس والأكارع والمسموط، حكم بطهارته: [فجلده] تابع. فإذا انقطع االمتبوع: انقطع التابع. فأما أن يجعل نتيجة، أو يجعل تابعا. وقد عرف التلازم بين التابع والمتبوع، كما عرف بين النتيجة والمنتج.
وأما الاستدلال بطريق المماثلة -كما ذكرناه في الظهار والطلاق، والعشر والزكاة -فبعيد: لا وجه له في هذا المقام.
البرهان الثالث: برهان الخلف، وهو: أن لا يتعرض للمقصود، ولكن يبطل ضده المقابل [له] وإذا بطل أحد الضدين، تعين الضد الآخر.