وروى مالك في الموطأ أن عمرو بن الجموح وعبد الله بن عمرو الأنصاريين كان السيل قد حفر قبرهما، وكانا في قبر واحد، وهما ممن استشهدوا يوم أحد، فحفر عنهما؛ لينقلا من مكانهما فوجدا كأنهما ماتا بالأمس، فكان أحدهما قد جرح موضع يده على جرحه فدفن وهو كذلك فأميطت يده عن جرحه ثم أرسلت فرجعت كما كانت، وكان بين أحد وبين يوم الحفر عنهما ست وأربعون سنة.
قلت: وقبور الشهداء اليوم لا يعرف منها إلا قبر حمزة رضي الله عنه؛ فإنه قد بنت عليه أم الخليفة الناصر لدين الله رحمه الله مشهدا كبيرا1، وجعلت عليه بابا من ساج منقوش وحوله حصا، وعلى المشهد باب من حديد يفتح في كل يوم خميس وقريب منه مسجد يذكر أهل المدينة أنه موضع مقتله والله أعلم بصحة ذلك2.
وأما بقية الشهداء فهناك حجارة موضوعة يذكر أنها قبورهم، وفي أحد غار يذكرون أنه صلى فيه، وموضع في الجبل أيضا منقوب في صخرة منه على قدر رأس الإنسان، يذكرون أنه -صلى الله عليه وسلم- قعد وأدخل رأسه هناك كل هذا لم يرد به نقل فلا يعتمد عليه.