فكيهة، فشكا إليها وباء بئره، فانطلقت فأخذت حمارين واستقت له من ماء رومة1 ثم جاءته فشربه، فقال: زيدينا من هذا الماء.
وكتبت إلي عفيفة الأصبهانية أن أبا علي الحداد أخبرها بخطه عن أبي نعيم قال: كتب إلى جعفر الملدي أن أبا يزيد المخزومي أخبره عن الزبير بن بكار عن محمد بن الحسن عن محمد بن طلحة عن إسحاق بن يحيى عن موسى بن طلحة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "نعم الحفيرة حفيرة المدني"؛ يعني رومة، فلما سمع بذلك عثمان بن عفان ابتاع نصفها بمائة بكرة، وتصدق بها فجعل الناس يستقون منها فلما رأى صاحبها أن قد امتنع منه ما كان يصيب عليها باع من عثمان النصف الثاني بشيء يسير فتصدق بها كلها.
وروى البخاري في الصحيح من حديث أبي عبد الرحمن السلمي أن عثمان حيث حوصر أشرف عليهم، وقال: أنشدكم الله ولا أنشد إلا أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- ألستم تعلمون أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "من حفر رومة فله الجنة؟ " فحفرتها، ألستم تعلمون أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "من جهز جيش العسرة فله الجنة؟ " فجهزتهم، قال: فصدقوه.
قلت: وهذه البئر اليوم بعيدة عن المدينة جدًّا في براح واسع من الأرض وطيء، وعندها بناء من حجارة خراب قيل إنه كان ديرا ليهود والله أعلم، وحولها مزارع وآبار وأرضها رملة، وقد انتقضت خرزتها وأعلامها إلا أنها بئر مليحة جدًّا مبنية بالحجارة الموجهة، وذرعتها فكان طولها ثمانية عشر ذراعا، منها ذراعان ماء وباقيها مطموم بالرمل الذي تسفيه الرياح فيها، وعرضها ثمانية أذرع وماؤها صاف وطمه حلو إلا أن الأجون غلب عليه، قلت: واعلم أن هذه الآبار قد يزيد وماؤها في الأزمان عما ذكرنا وقد ينقص وربما بقي منها ما كان مطموما2.