له عسكرا مصر والشام، بعد أن عزل حميضة ورميثة لكثرة الشكوى إليه منهما، ولم يصل أبو الغيث العسكر المجهز له إلى مكة إلى بعد أن فارقها "حميضة" و"رميثة" ولم تطل ولاية أبي الغيث على مكة؛ لأنه لسوء تدبيره قصر في حق من جهز معه من العسكر، وضاق بهم؛ فكتب لهم بخطه باستغنائه عنهم، ففارقوه بعد شهرين؛ فلم يملك بعد أن فارقوه إلا جمعة حتى وصل إليه حميضة وحاربه، فغلب حميضة أبا الغيث، ولجأ إلى هذيل بنخلة1 مكسورا، وأرسل حميضة إلى السلطان الملك الناصر ليستعطفه، فلم يرض عنه، وأرسل أبو الغيث يستنصر السلطان فوعده بالنصر، ثم التقى الأخوان في رابع ذي الحجة سنة أربع عشرة، فأسر حميضة أبا الغيث، ثم قتله2، ودامت وليته على مكة إلى شعبان سنة خمس عشرة وسبعمائة.
ثم وليها رميثة في هذه السنة3 بولاية من الملك الناصر وجهز معه عسكرا كثيرا، ولم يصلوا مكة إلا بعد أن فارقها حميض؛ فقصده إلى الخلف والخليف، وكان لجأ إليه يستحصن به؛ فلم يظفروا به، وانهزم إلى العراق، وقصد خربندا.
ودامت ولاية "رميثة" إلى انقضاء الحج من سنة سبع عشرة، أو أول سنة ثمان عشرة.
ثم وليها حميضة بعد رجوعه من العراق، وأخرج منها رميثة إلى نخلة بموافقة أهل مكة له على ذلك، ويقال: إن ذلك بموافقة "رميثة" أيضا، ويقال: إنه قطع خطبة الملك الناصر وخطب لصاحب العراق أبي سعيد خربندا، ولم تطل ولاية حميضة هذه؛ لأن الملك الناصر لما علم بفعله جهز إليه في ربيع الآخر سنة ثمان عشرة جيشا4. وأمرهم ألا يعودوا إلى بحميضة، فلم يظفروا به، ودام مهججا في البرية إلى أن قتل سنة عشرين وسبعمائة5، ولما انقضى الموسم من سنة ثمان عشرة قبض على مقدم العسكر الأمير بهادر الإبراهيمي لاتهامه بالتقصير في القبض على حميضة، وعلى رميثة، لاتهامه بأن ما يفعله أخوه من الشغب بموافقة، وحملهما إلى القاهرة.
وولي مكة: عطيفة بن أبي نمي بولاية من ملك الناصر: وجهز معه عسكرا؛ وذلك في المحرم سنة تسع عشرة وسبعمائة6. ولما وصلوا إلى مكة كثر بها الأمن