أبو بكر بالناس سنة تسع، ثم عمل في حجة النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع. ثم أقامه أبو بكر -رضي الله عنه- في خلافته، ثم عمر -رضي الله عنه- في خلافته، ثم الخلفاء هلم جرا، إلى الآن. وهو طعام الموسم الي يطعمه الخلفاء اليوم في أيام الحج بمكة ومنى، حتى تنقضي أيام الموسم.
وأما السقاية: فلم تزل بيد عبد مناف؛ فكان يسقي الناس الماء من بئر رم، وبئر خم1 على الإبل في المزاد2 والقرب، ثم يسكب ذلك الماء في حياض من أدم بفناء الكعبة، فيرده الحاج حتى يتفرقوا؛ فكان يستعذب ذلك الماء. وقد كان قصي حفر بمكة آبارا، وكان الماء بمكة غزيرا؛ إنما يشرب الناس من آبار خارجة من الحرم، فأول ما حفر قصي بمكة حفر بئرا يقال لها: العجول وكان موضعها في رام أم هانئ ابنة أبي طالب بالحزورة، وكانت العرب إذا قدمت مكة يردونها فيسقون منها ويتزاحخمون عليها، فقال قائل فيها:
أروى من العجول ثمت انطلق ... إن قصبا قد وفى وقد صدق
بالسمع واللحي ورى المعتبق3
وحفر قصي أيضا بئرا عند الردم الأعلى، عند دار أبان بن عثمان التي كانت لآل جحش، بن رياب، ثم دثرت، فنثلها جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف وأحياها، ثم حفر هاشم بن عبد مناف بئر بذر4، وقال: حين حفرها: لأجعلنها للناس زبيدة5 بالبطحاء في أصل المستندر، وهي التي يقول فيها بعض ولد هاشم:
نحن حفرنا بذر بجانب المستندر
نسقي بمائها الحجيج الأكبر6
وحفر قصي أيضا هاشم سجلة، وهي البئر التي يقال لها بئر جبير بن مطعم، دخلت في دار القوارير فكانت سجلة لهاشم بن عبد مناف؛ فلم يزل لولده حتى وهبها أسد ابن هاشم لمطعم بن عدي، حين حفر عبد المطلب زمزم، واستغنوا عنها، ويقال: وهبها له عبد المطلب حين حفر زمزم واستغنى عنها، وسأله المطعم بن عدي، أن يضع