وذكر ابن جبير أن درج الصفا أربع عشرة درجة1. وذكر النووي أن درج الصفا إحدى عشرة درجة2. وسبب هذا الاختلاف أن الدرج يعلو عليها التراب فيخفيها، وما أظن النووي شاهد ما ذكره من عدد درج الصفا، وإنما قلد في ذلك الأزرقي وغيره من المصنفين، لأنه يبعد أن تعلو الأرض من عهد النووي إلى اليوم علوا يغيب به من درج الصفا القدر الذي وجدناه مدفونا، والله أعلم.

ويتأييد ذلك بأن سليمان بن خليل قال في الرد على أبي حفص بن الوكيل من الشافعية في إيجابه الرقي على الصفا والمروة، وتعليله إيجاب ذلك بأنه لا يمكنه استيضاح ما بينهما إلا بالرقي عليهما، وقد كان هذا قبل أن يعلو الوادي، لأن الدرج كانت كثيرة، وكان الوادي نازلا حتى أنه كان يصعد درجا كثيرا ليرى البيت حتى قيل: إنه كانت عبر الفرسان في المسعى والرماح قائمة معهم، ولا يرى من في المسجد إلا رؤوس الرماح، فأما اليوم فإنه يرى البيت من غير أن يرقى على شيء من الدرج ... انتهى.

ووجه الدلالة من هذا على ما أشرنا إليه أن عصر سليمان بن خليل، وعصر النووي متقاربان، وسليمان مات قبل النووي بنحو خمسة عشر سنة، وإذا كان البيت يرى في عصره من غير رقي على الصفا لعلو الأرض فيكون الحال هكذا في عصر النووي، والله أعلم.

الحادي عشر: طريق ضب التي يستحب للحاج أن يسلكها إذا توجه إلى عرفة، وهي طريق مختصر من المزدلفة إلى عرفة في أصل المأزمين عن يمينك وأنت ذاهب إلى عرفة، هكذا عرفها الأزرقي، وإنما يستحب للحاج سلوكها، لأنه روي أنه صلى الله عليه وسلم سلكها حين غدا من منى إلى عرفة، نقل ذلك الأزرقي عن بعض أهل المكيين، وروى عن عطاء أنه سلكها، وقال: هي طريق موسى بن عمران3.

الثاني عشر: عَرَفَة موضع الوقوف، هي خارج الحرم قريب منه، روينا في تاريخ الأزرقي، ووادي عرنة بالنون4 وفي بعض نسخه: ووادي عرفة بالفاء، ذكر ذلك المحب الطبري في شرحه للتنبيه، وقال هكذا نقلته من نسخة معتنى بها، ووادي عرفة بالفاء وضبطها بفتح العين. وحكاه شيخنا أبو عمرو بن الصلاح أنه قال إلى ملتقى وصيف، ووادي عرنة بالنون، وأكد ذلك فقال بعده: وبطن عرنة ووادي عرنة مضافان إلى عرنة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015