عن ابن عباس في قوله تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء} قال: "الذين يقولون إن الله على كل شيء قدير وهذا من فقه ابن عباس وعلمه بالتأويل ومعرفته بحقائق الأسماء والصفات فإن أكثر أهل الكلام لا يوفون هذه الجملة حقها ولو كانوا يقرون فمنكرو القدر وخلق أفعال العباد لا يقرون بها على وجهها ومنكرو أفعال الرب القائمة به لا يقرون بها على وجهها بل يصرحون أنه لا يقدر على فعل يقوم به ومن لا يقر بأن الله سبحانه كل يوم هو في شأن يفعل ما يشاء لا يقر بأن الله على كل شيء قدير ومن لا يقر بأن قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء وأنه سبحانه مقلب القلوب حقيقة وأنه إن شاء يقيم القلب أقامه وإن شاء أن يزيغه أزاغه لا يقر بأن الله على كل شيء قدير ومن لا يقر بأنه استوى على عرشه بعد أن خلق السماوات والأرض وأنه ينزل كل ليلة إلى سماء الدنيا يقول من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له وأنه نزل إلى الشجرة فكلم موسى كلمه منها وأنه ينزل إلى الأرض قبل يوم القيامة حين تخلو من سكانها وأنه يجيء يوم القيامة فيفصل بين عباده وأنه يتجلى لهم يضحك وأنه يريهم نفسه المقدسة وأنه يضع رجله على النار فيضيق بها أهلها وينزوي بعضها إلى بعض إلى غير ذلك من شؤنه وأفعاله التي من لم يقر بها لم يقر بأنه على كل شيء قدير بأنه على كل شيء قدير" فيا لها كلمة من حبر الأمة وترجمان القرآن وقد كان ابن عباس شديدا على القدرية وكذلك الصحابة كما سنذكر ذلك إن شاء الله تعالى.