عن ربعي بن حراش عن حذيفة قال قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله يصنع كل صانع وصنعته" قال البخاري: "وتلا بعضهم عند ذلك: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} " حدثنا محمد أبو معاوية عن الأعمش عن شقيق عن حذيفة نحوه موقوفا عليه وأما استشهاد بعضهم بقوله تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} بحمل ما على المصدر أي خلقكم وأعمالكم فالظاهر خلاف هذا وأنها موصولة أي خلقكم وخلق الأصنام التي تعملونها فهو يدل على خلق أعمالهم من جهة اللزوم فإن الصنم اسم للآلة التي حل فيها العمل المخصوص فإذا كان مخلوقا لله كان خلقه متناولا لمادته وصورته قال البخاري: وحدثنا عمرو بن محمد حدثنا ابن عيينة عن عمرو عن طاووس عن ابن عمر: "كل شيء بقدر حتى وضعك يدك على خدك" قال البخاري: وحدثني إسماعيل قال حدثني مالك عن زياد بن سعد عن عمرو بن مسلم عن طاووس قال: "أدركت ناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون كل شيء بقدر حتى العجز والكيس" ورواه مسلم في صحيحه عن طاووس وقال سمعت عبد الله بن عمر يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل شيء بقدر حتى العجز والكيس" قال البخاري: وقال ليث عن طاووس عن ابن عباس ": {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} حتى العجز والكيس" قال البخاري: سمعت عبيد الله بن سعيد يقول سمعت يحيى بن سعيد يقول: "ما زلت أسمع أصحابنا يقولون أفعال العباد مخلوقة" قال البخاري: "حركاتهم وأصواتهم وأكسابهم وكتابتهم مخلوقة" وقال جابر بن عبد الله: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كما يعلمنا السورة من القرآن يقول: إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فيسره لي ثم بارك لي فيه وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاصرفه عني واصرفني عنه واقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به قال: ويسمى حاجته" قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح فقوله: "إذا هم أحدكم بالأمر" صريح في أنه الفعل الاختياري المتعلق بإرادة العبد وإذا علم ذلك فقوله "أستقدرك بقدرتك" أي أسألك أن تقدرني على فعله بقدرتك ومعلوم أنه لم يسأل القدرة المصححة التي هي سلامة الأعضاء وصحة البنية وإنما سأل القدرة التي توجب الفعل فعلم أنها مقدورة لله ومخلوقة له وأكد ذلك بقوله: "فإنك تقدر ولا أقدر" أي تقدر أن تجعلني قادرا فاعلا ولا أقدر أن أجعل نفسي كذلك وكذلك قوله: "تعلم ولا أعلم" أي حقيقة العلم بعواقب الأمور ومآلها والنافع منها والضار عندك وليس عندي وقوله يسره لي أو اصرفه عني فإنه طلب من الله تيسيره إن كان له فيه مصلحة وصرفه عنه إن كان فيه مفسدة وهذا التيسير والصرف متضمن إلقاء داعية الفعل في القلب أو إلقاء داعية الترك فيه ومتى حصلت داعية الفعل حصل الفعل وداعية الترك امتنع الفعل وعند القدرية ترجيح فاعلية العبد على الترك منه ليس للرب فيه صنع ولا تأثير فطلب هذ التيسير منه لا معنى له عندهم فإن تيسير الأسباب التي لا قدرة للعبد عليها موجود ولم يسأله العبد وقوله: "ثم رضني به" يدل على أن حصول الرضا وهو فعل اختياري من أفعال القلوب أمر وقدور للرب تعالى وهو الذي يجعل نفسه راضيا وقوله: "فاصرفه عني واصرفني عنه" صريح في أنه سبحانه هو الذي يصرف عبده عن فعله الاختياري إذا شاء صرفه عنه كما قال تعالى في حق يوسف الصديق: {كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ