وقال العلامة السعدي: يمحوا الله ما يشاء ـ من الأقدار: ويثبت ـ ما يشاء منها، وهذا المحو والتغيير في غير ما سبق به علمه وكتبه قلمه، فإن هذا لا يقع فيه تبديل ولا تغيير، لأن ذلك محال على الله أن يقع في علمه نقص أو خلل، ولهذا قال: وعنده أم الكتاب ـ أي: اللوح المحفوظ الذي ترجع إليه سائر الأشياء، فهو أصلها وهي فروع له وشعب، فالتغيير والتبديل يقع في الفروع والشعب، كأعمال اليوم والليلة التي تكتبها الملائكة، ويجعل الله لثبوتها أسبابا ولمحوها أسبابا لا تتعدى تلك الأسباب ما رسم في اللوح المحفوظ، كما جعل الله البر والصلة والإحسان من أسباب طول العمر وسعة الرزق، وكما جعل المعاصي سببا لمحق بركة الرزق والعمر، وكما جعل أسباب النجاة من المهالك والمعاطب سببا للسلامة، وجعل التعرض لذلك سببا للعطب، فهو الذي يدبر الأمور بحسب قدرته وإرادته، وما يدبره منها لا يخالف ما قد علمه وكتبه في اللوح المحفوظ. هـ.

وفي فتح الباري للحافظ ابن حجر: المحو والإثبات بالنسبة لما في علم المَلَك، وما في أم الكتاب هو الذي في علم الله تعالى فلا محو فيه البتة، ويقال له: القضاء المبرم، ويقال للأول: القضاء المعلق. اهـ.

- القضاء يعني قضاؤ الله عز وجل به عند وقوعه والقدر يعني تقدير الله الشيء

في الأزل , فالقدر سابق والقضاء لاحق.

- القدر هو نظام التوحيد فمن وحَد الله وآمن بالقدر تمَ توحيده.

- التقدير الذي قدَره الله تابع لحكمته ورحمته وما تقتضيه تلك الحكمة من غايات

حميدة وعواقب نافعة للعباد في معاشهم ومعادهم.

- الله سبحانه وتعالى أحاط بكل شيء علماً سواء مما يتعلق بأفعاله عز وجل أو

بأفعال عباده فهو مُحيط بها جملة وتفصيلاً بعلمه الذي هو موصوف به أزلاً وأبداً.

- لا يلزم من علم الله الأزلي أن العبد مجبر:

قال الشنقيطي رحمه الله: ولا إشكال البتة في أن الله يخلق للعبد قدرة وإرادة يقدر بها على الفعل والترك، ثم يصرف الله بقدرته وإرادته قدرة العبد وإرادته إلى ما سبق به علمه, فيأتيه العبد طائعا مختارا غير مقهور ولا يجور، وغير مستقل به دون قدرة الله وإرادته كما قال تعالى: وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ... انتهى ثم ليعلم المسلم بأن الله ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله فالله على كل شيء قدير.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015