بالتوكل فالأخذ بالأسباب طاعة لله وهو من عمل الجوارح والتوكل على الله طاعة له سبحانه وهو من عمل القلب وهو إيمان بالله وعلى هذا فلا يضر مباشرة العبد للأسباب مع خلو القلب من الاعتماد عليها والركون إليها , والأسباب تذهب وتأتي ومسبب الأسباب باقٍ موجود سبحانه وتعالى , ويجب أن يكون الأخذ بالأسباب الجائزة شرعاً فإن من توكل على الله حق توكله لم يرتكب ما يخالف شرعه.

- من يترك الأخذ بالأسباب مع القدرة عليها يُخشى عليه أنه يمتحن ويختبر ربه

تعالى الله عن ذلك , والله يختبر العباد وليس للعباد أن يختبروا الله عز وجل.

- التوكل على الله سبب وهو من أقوى الأسباب في حصول المأمول ومن اعتمد

على عقله ضل ومن اعتمد على جاهه ذل ومن اعتمد على ماله قل ومن اعتمد على الله لا قل ولا ضل ولا ذل.

- من تمام التوكل على الله عز وجل العمل بشرعه ومن شرعه اتخاذ الأسباب

وأخذ ظروف الواقع بعين الاعتبار دون إفراط أو تفريط , ومن حقق ذلك كان الله حسبه.

- التوكل وغيره من الأسباب الشرعية كالدعاء وتقوى الله والاستغفار مما يُستدفع

به المقدور المكروه ويُستجلب به المقدور المحبوب , والقدر يُدفع بعضه ببعض كما يُدفع قدر المرض بالدواء وقدر الذنوب بالتوبة وقدر العدو بالجهاد فكلاهما من القدر والله يلوم على العجز ويحب الكيس ويأمر به , والكيس هو مباشرة الأسباب التي ربط الله بها مسبباتها النافعة للعبد في معاشه ومعاده فهذه تفتح عمل الخير ,أما العجز فإنه يفتح عمل الشيطان ومن صدق توكله على الله في حصول شيء ناله , وتحقيق وعد الله الكريم لا يعلم كيفيته وموعده إلا الله فلا يُقال كيف ولا متى ولكن يوقن بذلك وينتظر الفرج ويرضى بتدبير الله له وتصاريف الله تعالى خفية عجيبة ,وإذا ثبت في نفسك أنه لا فاعل لما يريد مطلقاً سوى الله واعتقدت مع ذلك أنه تام القدرة والعلم والرحمة وأنه ليس وراء قدرته قدرة ولا وراء علمه علم ولا وراء رحمته رحمة اتكل قلبك عليه وحده لا محالة ولم يلتفت إلى غيره بوجه وليس معنى التوكل ترك الكسب بالبدن وترك التدبير بالقلب فالله الذي أمر بالتوكل هو الذي أمر باتخاذ الأسباب المشروعة.

- من اعتمد قلبه على الله في جلب المنافع ودفع المضار وقرن مع ذلك فعل

الأسباب المُستطاعة شرعاً وقدراً فهو المتوكل حقاً.

- السنة الكونية هي القانون الإلهي المطَرد الثابت الذي لا يتخلَف إلا لحكمة إلهية

بالغة كالمعجزة والكرامة , والله عز وجل جعل لهذا الكون نواميس وقوانين ينتظم بها وإن كان هو عز وجل قادراً على خرق هذه النواميس وتلك القوانين , وإن كان لا يخرقها لكل أحد.

- كون الله قادراً على الشيء لا يعني أن المسلم قادر عليها فقدرة الله صفة

خاصة به وقدرة العبد خاصة به والخلط بين قدرة الله والإيمان بها وقدرة العبد وقيامه بما أمره الله به خلطٌ مذموم.

- من كان الله كافيه وواقيه فلا مطمع فيه لعدوه ولا يضره إلا أذى لابد منه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015