وعموماً على المسلم أن يعتقد أن الله عز وجل لا يضع الشيء في غير موضعه، ولا يمنع ذي الحق حقه ولا يظلم خلقه مثقال حبة من خردل أياً كانوا , هذا وإن كنا قد نختلف في تعيين هذه الحقوق على التفصيل.
- كيفية الجمع بين اعتقاد أن القدر خيره وشره من الله وبين محبة الله عز وجل:
لا تلازم بين اعتقاد أن القدر خيره وشره من الله وبين محبة الله سبحانه وتعالى وذلك مثل المريض والطبيب والمرض فالمريض هو العبد والمرض هو الشر المقدور والطبيب هو الله عز وجل وله المثل الأعلى فهذا المريض يحب الطبيب ويبغض المرض والعلاج المر لكن لعلمه بنصح الطبيب فهو يحب الطبيب وإن كان يكره ويبغض المرض وعلاجه المر.
- الله عز وجل أرحم الراحمين وأحكم الحاكمين وقضاؤه وقدره لا يخرج عنهم
وهو أعلم بمصالح عباده منهم وهو أرحم بهم من أنفسهم ووالديهم وكل ما في الوجود من رحمة ونفع ومصلحة فهو من فضله تعالى وما في الوجود من غير ذلك فهو من عدله فكل نعمة منه فضل وكل نقمة منه عدل علماً أنه ليس من لوازم الرحمة أن تكون ظاهرة لبادي الرأي فقد تكون الرحمة هي عين بعض المصائب للصالحين والأولياء وذلك باعتبار مآلها ويدلك على ما قررناه ما ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (يمين الله ملأى لا يغيضها نفقة سحاء الليل والنهار أرأيتم ما أنفق منذ خلق السموات والأرض؟ فإنه لم يغض ما في يمينه وبيده الأخرى القسط يخفض ويرفع) فأخبر أن يده اليمنى فيها الإحسان إلى الخلق ويده الأخرى فيها العدل والميزان الذي به يخفض ويرفع فخفضه ورفعه من عدله وإحسانه إلى خلقه من فضله.
والإنسان لا يعلم عاقبة أمره وقضاء الله لعبده المؤمن عطاء وإن كان في صورة منع , ونعمة وإن كان في صورة محنة , وبلاءه عافية وإن كان في صورة بلية ’ والله يعلم ونحن لا نعلم ولكن لجهل العبد وظلمه لا يعد العطاء والنعمة والعافية إلا ما التذ به في العاجل وكان مُلائماً لطبعه.
- الله عز وجل له الحكمة البالغة في كل فعل من أفعاله وقد تظهر لنا الحكمة وقد
تخفى ولا يلزم أن ندرك حكمته عز وجل في كل شيء أو أن يدرك ذلك كل أحد.
- على المسلم أن يعلم أن لله تعالى في جميع أفعاله حكماً جليلة ظهرت لنا أو
خفيت فالله عز وجل لم يُطلع خلقه على جميع حكمه بل أعلمهم بما شاء وما خفي عليهم أكثر مما يعلموه فأفعال الله وأوامره لا تخلو من الحكم الباهرة العظيمة التي تُحيَر العقول وإن كُنا لا نعلمها على وجه التفصيل لأن عدم العلم بالشيء لا يلزم منه عدمه.