على أن تبدل الأوضاع السياسية في البلاد العربية والإسلامية عقيب الحرب العالمية الأولى أثر في عقلية شوقي تأثيراً كبيراً، فقد عاد شوقي من منفاه في الأندلس بعد الحرب، فوجد كل شيء قد تغيّر، فقل اتصاله بالقصر، ويئس من موقف الأتراك بعد إلغائهم الخلافة، فأتيح له بذلك أن يلتفت إلى الشعب المصري وأن يتأثر بحوادث النضال الوطني في البلاد العربية. وهكذا بدأ مرحلته الجديدة كشاعر 1 للمجتمع، ومذ ذلك العهد أقبل شوقي على الاهتمام بقضايا الشعب المصري والأمة العربية، يسجل آلام العرب وآمالهم وكفاحهم في شعر وجداني رفيع.
وقد تفتقت بواكير حنينه إلى وطنه أثناء نفيه عنه، ففي المنفى نظم شوقي طائفة من أروع شعره الوطني الخافق بالعواطف:
وسلا مصر: هل سلا القلب عنها ... أو أسا جرحه الزمان المؤسى!
وطني لو شُغِلْتُ بالخلد عنه ... نازعني إليه في الخلد نفسي
وهكذا اتجه همّ شوقي إلى الدفاع عن مصر وحريتها، فيرسل أشعاره الثائرة هجوماً على الأجنبي وتنديداً بأعماله، وإثارة للأحزاب المصرية إلى التعاون ونبذ التخاصم:
إلام الخلف بينكم إلام ... وهذي الضجة الكبرى علام؟
وفيم يكيد بعضكم لبعض ... وتبدون العداوة والخصاما؟
وفي هذا الجو الجديد من حياة شوقي ينسى حملته على الشريف حسين بالأمس، ويرثيه بقصيدة من خير شعره، حتى ليَشغَل بمأتمه السماء والأرض: