محاولاته في فرنسة، إذ وضع أول تمثيلية ولكنه لم ينشرها، وانصرف عن ذلك الاتجاه زمناً حتى أتيح له أن يعود إليه بعد عودته من المنفى، وهنا أخذ شوقي في وضع تمثيلياته الشعرية التي قفزت بشهرته إلى الأوج، وكانت بنفسها حدثاً أدبياً كبيراً في عالم الشعر العربي الحديث، دفعه إلى ما نحسه اليوم في هذا الفن من حيوية تضمن له البقاء. ويمكن حصر هذا التأثير في ثلاثة أشياء:
أ _ في الوزن: كان الشعر التمثيلي قبل شوقي مقيداً بوحدة البحر في مجموع التمثيلية، فحطم شوقي هذا القيد، وجعل تمثيليته متعددة الأوزان يتنقل بها بين البحر والبحر، فيكسبها مرانة وحرية.
ب _ القافية: وكانت القافية في الشعر التمثيلي قبله واحدة في مجموع المسرحية، مما يبعث الملال في نفس القارئ والناظر، فحطم شوقي هذا القيد الآخر، إذ خرج بأشعار التمثيلية من القافية الواحدة إلى القوافي التعددة، في رشاقة محببة تبعث في التمثيلية القوة والحياة.
ج _ الحوار: وكذلك كان الحوار قبل شوقي في جمود يخالف طبيعة الحياة، وذلك أن شخص القصة لا يتم عبارته في أقل من بيت، فأجهز شوقي على هذا القيد الأخير، فإذا هو يتصرف في الحوار تصرفاً بارعاً، فيوزع البيت الواحد أحياناً بين عدة متكلمين من شخصيات القصة.
وهكذا نرى لشوقي فضلاً لا يجحد في إخضاع الشعر لفن التمثيل، فقد حرره من ثقل القيود فخالف في أنواعه، وخالف في أوزانه، وخالف في قوافيه، وذلل مطية الحوار، فقربه من طبيعة الواقع، وبذلك اتسع أمامه مجال القول وانطلق له عنان الفكر والخيال، وقد ساعدت شوقياً على مهمته هذه شاعريته المتدفقة، التي حجبت الكثير من نواحي ضعفه في هذا الفن، فقد ينقصه التوفيق الفني في بعض مشاهد تمثيلياته، ولكنه يعوض عن ذلك بوثبات شعرية رائعة تأخذ باب السامع والقارئ. . .
ومن خصائصه في تمثيلياته أن شعره يتلاءم مع مواقفه العاطفية فيلين