ولا غرابة فشوقي مأخوذ بجواذب البيئة التي افتعلها السياسة في مصر وغير مصر من البلاد العربية، التي حاول رجال السياسة المسلمون فيها إحباط المساعي الاستعمارية لاستغلال الأقليات المسيحية، فراحوا يتزلفون إلى هذه الأقليات بكل ما يظنونه محققاً لأهدافهم الوطنية. . . ولو أدى ذلك إلى تقديس ما يعتبر في عقيدتهم الإسلامية من المنكرات بل المكفرات. . .
وبمثل هذا الاندفاع غير الواعي استسلم شوقي لبعض الأفكار غير السليمة في مدائحه النبوية، فشوه جمالها بتلك الانحرافات، التي التقطها من ألسنة (الدراويش) وكتبهم. . دون أن يسمح لعقله بالتفكير في محتوياتها الشاردة عن نطاق التوحيد. . وحسبنا أن نشير من ذلك إلى قوله _ في نهج البردة _ مخاطباً رسول الله صلى الله عليه وسلم:
ألقى رجائي _ إذا عز المجير _ على. ... مفرج الكرب ف الدارين والغُمَمِ.
وإن تقدم ذو تقوى بصالحة. ... قدمت بين يديه عبرة الندم.
وقد نسي شوقي في غمرة التقليد ألا مفرج لكرب إلا الله، وأن عبرة الندم لا تكسب إلا بين يديه سبحانه.. كما علمنا رسوله صلوات الله وسلامه عليه.
وأبعد في التقليد من ذلك قوله في همزيته:
ما جئت بابك مادحاً بل داعياً ... ومن المديح تضرع ودعاء
أدعوك عن قومي الضعاف لازمة. ... في مثلها يلقى عليك رجاء.
ومثل شوقي لا يعذر إذا جهل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:" الدعاء هو العبادة ", و " الدعاء مخ العبادة ", ولكنه التقليد الضرير الذي يحشر العقلاء في زمرة السفهاء.
ولعل وصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الهمزية بمثل قوله:
الاشتراكيون أنت إمامهم. ... لولا دعاوى القوم والغلواء.
لا يقل تخبطاً عن زلاته تلك، فهو بهذا النعت يسيء إلى رسول الله صلى الله عليه