وأسهمت الكوفة في إخضاع الجزيرة التي كانت بمثابة قاعدة حربية لحلفاء الروم من نصارى العرب، مما رفه عن المجاهدين في الشام1. وتتابعت فتوح أهل الكوفة، ففتحوا الري وأذربيجان وأرمينية، وطبرستان، وجرجان2. بينما فتح أهل البصرة الأهواز وتستر ورامهرمز، وجند يسابور3.
وليس يعني استقرار الجند الإسلامي في هذين المصرين وفتحهما لهذه المناطق انتهاء المقاومة الفارسية الرسمية، فإن المنهزمين في المدائن فروا إلى جلولاء، وأزمعوا أن يستميتوا في درء المسلمين والتفاني في ذلك، فاحتفروا خندقًا حول جلولاء، أحاطوه بحسك الخشب والحديد، وقاموا ينتظرون المسلمين، وأمر عمر سعدًا بأن يسرح إليهم هاشم بن عتبة بن أبي وقاس، وعلى مقدمته القعقاع بن عمرو. فسار هاشم في اثني عشر ألفًا حتى نزل على الفرس. وكان كسرى قد أمد قواته من حلوان بالأموال والرجال. وأحاط المسلمون بالحصن، وزاحفوا الفرس ثمانين زحفًا لم تسفر عن شيء، إلى أن اقتحم المسلمون الحصن في هجوم عارم، ترك الفرس بعده المدينة للمسلمين4.
وبعد أن فر الفرس أرسل هاشم بالقعقاع على رأسه حملة إلى حلوان، على حافة المرتفعات الفارسية بجبال الصقر تتبع الفارين واحتلها، بعد أن فر يزدجرد إلى الري5.
وأخذ سعد يبسط راية الإسلام في أنحاء الجزيرة وفارس، فوجه عبد الله بن المعتم إلى تكريت بالجزيرة، فاستمال من بها من إياد وتغلب، والنمر، ووجه بضرار بن الخطاب إلى مامبذان، حيث كان آذين أحد عظماء فارس قد جمع جمعًا عظيمًا من الفرس والعرب وخرج بهم إلى السهل، وتمكن ضرار من قتله، والاستيلاء على الناحية6.