وصادف فتح مصر ترددًا من الخليفة بادئ الأمر، ولكن عمرًا استطاع أن يقنع الخليفة بالمكاسب التي يمكن أن تعود على المسلمين من جراء فتحها، وبسط له أمر الخلاف المذهبي بين الحكام والمحكومين، وما يعانيه المصريون من عسف الروم، وما يرزحون تحته من أعباء الفتن والضرائب والمكوس، والاضطهاد الديني الذي يلقاه المصريون اليعاقبة من محاولة هرقل فرض مذهبه الجديد، الذي ابتكره له سرجيوس؛ للتوفيق بين الملكانية واليعقوبية، فضلًا عن الاضطهاد الاجتماعي والسياسي الذي يتعرض له المصريون؛ نتيجة للسيطرة الرومية على أمور المصريين جميعًا.

وسار عمرو إلى مصر؛ حيث أدركه كتاب عمر الشهير بقرية من قرى العريش، فسار على بركة الله، واخترق رمال سيناء إلى العريش ففتحها ثم اتجه إلى الفرما فافتتحها، وكانت بمثابة مفتاح مصر. وبعد حرب دامت شهرًا استولى على بلبيس، وهزم الروم بها هزيمة بالغة. ومضى عمرو حتى أتى أم دنين، وهي قرية على النيل شمالي حصن بابليون، وتعتبر مسلحة للحصن الذي لاذ به الروم، وتجهزوا لحرب فاصلة. وحاصر عمرو أم دنين، وأرسل يتعجل المدد فوصله في الوقت المناسب؛ حيث استطاع المسلمون فتح أم دنين، ومنها استقلوا سفنًا كانت راسية بمرفئها وعبروا النيل إلى الغرب؛ حيث انتظروا في الفيوم على حنا، وعادوا سراعًا ليلتقوا بأمداد جديدة في هليوبوليس حيث عسكروا بعين شمس.

وخشي الروم أن يظن بهم المصريون الخور أمام المسلمين إذا ظلوا ملازمين لبابليون فخرجوا إلى المسلمين، وأقام لهم عمرو كمينين في طريقهم عصفًا بهم. واحتل المسلمون حصن أم دنين كرة أخرى، وكان فل الروم قد لجأ إليه، وحاصر عمرو بابليون، وأرسل حامية استولت على إقليم الفيوم، وحامية أخرى استولت على إقليم المنوفية، والروم يفرون هلعًا إلى الإسكندرية.

وحال ارتفاع النيل بين المسلمين والحصن، وتراشق الروم والمسلمون بالسهام والمنجنيق، ولم ييئس المسلمون بعد شهر فرأى المقوقس أن يصالحهم، ولم تجدِ المفاوضات، واقتتل الفريقان حتى ألجأ المسلمون الروم إلى الصلح، وعلق نفاذه على موافقة هرقل، ولكن هرقل رفض وعزل المقوقس وعاد القتال بين الفريقين كرة أخرى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015