قَالَ: وَحَدَّثَنَا عَلِيٌّ، حَدَّثَنَا مِسْكِينٌ أَبُو فَاطِمَةَ قَالَ: سَأَلَ مَنْصُورَ بْنَ زَاذَانَ رَجُلٌ وَأَنَا أَسْمَعُ مَا كَانَ الْحَسَنُ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: {مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا} [نوح: 13] قَالَ: " لَا تَعْلَمُونَ لَهُ عَظَمَةً، وَلَا تَشْكُرُونَ لَهُ نِعْمَةً " قَالَ الْحَلِيمِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: ولَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ السَّيِّدُ لِمَمْلُوكِهِ: مَا لَكَ لَا تَخَافُ سُلْطَانِي وَمُلْكِي وَبَيْنَ أَنْ يَقُولَ: مَا لَكَ لَا تُعَرِّفُ نَفْسَكَ قدرها، وَلَا تُنْزِلُهَا مَنْزِلَةَ مِثْلِهَا، فَفِي الْكَلَامَيْنِ يُرَادُ بِهِمَا تَقْرِيرُ حَالِ الْعَبْدِ عِنْدَ نَفْسِهِ لِئَلَّا يَأْمَنَ سَطْوَةَ سَيِّدِهِ فَيَدْعُوهُ ذَلِكَ إِلَى مُفَارَقَةِ طَاعَتِهِ، وَأَبَيْنَ مِنْ هَذَا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ، وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُورًا أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ، أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلًا، أَمْ آمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفًا مِنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُمْ بِمَا كَفَرْتُمْ، ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعًا}، فَعَرَّفَهُمُ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَهُمْ فِي حَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ أَنْ يُفَارِقُوا طَاعَتَهُ، أَوْ يُقَصِّرُوا فِي شُكْرِهِ مُسْتَشْعِرِينَ مِنْهُ أَمْنًا لِمَا يَرَوْنَهُ مِنْ نِعَمِهِ السَّابِغَةِ عَلَيْهِمْ مُقَدِّرِينَ أَنَّهُ رَاضٍ