شعب الايمان (صفحة 8172)

وَأُوحِشَ، وَأَنَّهُ يُقَالُ كُلُّ ذَلِكَ إِذَا وَجَدَ السَّبِيلَ إِلَيْهِ بِمِثْلِهِ، بَلْ يَضُمُّ أَنَّهُ لَا يَعْتَدُّ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَيُقَابِلُ كَلًّا مِنْهُ بِمَا هُوَ أَحْسَنُ وَأَفْضَلُ وَأَقْرَبُ إِلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى، وَأَشْبَهِ بِمَا يُحْمَدُ وَيُرْضَى، ثُمَّ يَكُونُ فِي اتِّقَاءِ مَا يَكُونُ عَلَيْهِ، كَهُوَ فِي حَظِّ مَا يَكُونُ لَهُ، فَإِذَا مَرِضَ أَخُوهُ الْمُسْلِمُ عَادَهُ، وَإِنْ جَاءَهُ فِي شَفَاعَةٍ، وَإِنِ اسْتَمْهَلَهُ فِي قَضَاءِ دَيْنٍ أَمْهَلَهُ، وَإِنِ احْتَاجَ مِنْهُ إِلَى مَعُونَةٍ أَعَانَهُ، وَإِنِ اسْتَسْمَحَهُ فِي بَيْعٍ سَمَحَ لَهُ، وَلَا يَنْظُرْ إِلَى أَنَّ الَّذِي عَامَلَهُ كَيْفَ كَانَتْ مُعَامَلَتُهُ إِيَّاهُ فِيمَا خَلَا، أَوْ كَيْفَ يُعَامِلُ النَّاسَ، إِنَّمَا يَتَّخِذُ الْأَحْسَنَ إِمَامًا لِنَفْسِهِ، فَيَنْحُو نَحْوَهُ وَلَا يُخَالِفُهُ، وَالْخُلُقُ الْحَسَنُ قَدْ يَكُونُ غَرِيزَةً، وَقَدْ يَكُونُ مُكْتَسَبًا، وَإِنَّمَا يَصِحُّ اكْتِسَابُهُ لِمَنْ كَانَ فِي غَرِيزَتِهِ أَصْلٌ مِنْهُ فَهُوَ يَضُمُّ مَا اكْتَسَبَهُ إِلَيْهِ مَا يَضُمُّهُ، وَمَعْلُومٌ فِي الْعَادَاتِ أَنَّ ذَا الرَّأْيِ بِمُجَالَسَتِهِ أُولِي الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى يَزْدَادُ رَأَيًا، وَأَنَّ الْعَالِمَ يَزْدَادُ بِمُخَالَطَةِ الْعُلَمَاءِ عِلْمًا، وَكَذَلِكَ الصَّالِحُ والْعَاقِلُ بِمُجَالَسَةِ الصُّلَحَاءِ والْعُقَلَاءِ، فَلَا يُنْكَرُ أَنْ يَكُونَ ذُو الْخُلُقِ الْجَمِيلِ يَزْدَادُ حُسْنَ خُلُقٍ بِمُجَالَسَةِ أُولِي الْأَخْلَاقِ الْحَسَنَةِ، وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ "

طور بواسطة نورين ميديا © 2015