6416 - أَخْبَرَنَاهُ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ، نا حَفْصُ بْنُ -[157]- عُمَرَ، نا قَبِيصَةُ، نا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " بَشِّرْ هَذِهِ الْأُمَّةَ بِالتَّيْسِيرِ، وَالسَّنَاءِ، وَالرِّفْعَةِ فِي الدِّينِ، وَالتَّمْكِينِ فِي الْبِلَادِ، وَالنَّصْرِ، فَمَنْ عَمِلَ مِنْهُمْ عَمَلًا بِعَمَلِ الْآخِرَةِ لِلدُّنْيَا فَلَيْسَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ ". قَالَ الْحَلِيمِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: " فَثَبَتَ بِالْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ أَنَّ كُلَّ عَمَلٍ أَمْكَنَ أَنْ يُرَادَ بِهِ وَجْهُ اللهِ إِذَا لَمْ يُعْمَلْ لِمُجَرَّدِ التَّقَرُّبِ بِهِ إِلَيْهِ وَابْتِغَاءِ رِضْوَانِهِ حَبِطَ، وَلَمْ يَسْتَوْجِبْ بِهِ ثَوَابًا إِلَّا أَنَّ لِذَلِكَ تَفْصِيلًا، وَهُوَ أَنَّ الْعَمَلَ إِنْ كَانَ مِنْ جُمْلَةِ الْفَرَائِضِ، فَمَنْ أَدَّاهُ وَأَرَادَ بِهِ الْفَرْضَ غَيْرَ أَنَّهُ أَدَّاهُ بِنِيَّةِ الْفَرْضِ لَيَقُولَ النَّاسُ: إِنَّهُ فَعُولٌ لِكَذَا إِبْطَالًا لِرِضْوَانِ اللهِ وَاتِّقَاءً لِسَخَطِهِ سَقَطَ عَنْهُ الْفَرْضُ، وَلَمْ يُؤَاخَذْ بِهِ فِي الْآخِرَةِ وَلَمْ يُعَاقَبْ بِهِ التَّارِكُ، وَلَكِنَّهُ لَا يَسْتَوْجِبُ بِهِ ثَوَابًا إِنَّمَا ثَوَابَهُ ثَنَاءُ النَّاسِ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا، وَمَدْحُهُمْ إِيَّاهُ بِمَا فَعَلَ وَإِنْ كَانَ الْعَمَلُ مِنْ بَابِ التَّطَوُّعِ يَفْعَلُهُ يُرِيدُ بِهِ وُجُوهَ النَّاسِ دُونَ وَجْهِ اللهِ تَعَالَى جَدُّهُ فَإِنَّ أَجْرَهُ يَحْبَطُ وَلَا يَحْصُلُ مِنْ عَمَلِهِ عَلَى شَيْءٍ يَكُونُ لَهُ كَمَا حَصَلَ الْأَوَّلُ عَلَى سُقُوطِ الْفَرْضِ عَنْهُ، ثُمَّ يُعَاقِبُهُمَا عَلَى أَنَّهُمَا عَمِلَا لَا لِوَجْهِ اللهِ تَعَالَى، وَتَمَامًا ثَوَابُ اللهِ بِمَحْمَدَةِ النَّاسِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ، أَحَدُهُمَا أَنْ يُقَالَ: إِنَّ الَّذِي جَاءَ بِهِ الْحَدِيثُ مِنْ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فَقَدْ قِيلَ: ذَلِكَ اذْهَبُوا بِهِ إِلَى النَّارِ إِخْبَارٌ بِأَنَّ الْمُرَائِي يُعَاقَبُ عَنْ عُدُولِهِ عَنْ قَصْدِ وَجْهِ اللهِ إِلَى وَجْهِ النَّاسِ، وَمَعْنَى هَذَا أَنَّهُ اسْتَخَفَّ وَجْهَ اللهِ وَاسْتَهَانَ نِعْمَتَهُ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَقْصُرَ ذَلِكَ عَنْ ذَنْبِ غَيْرِهِ، وَالذَّنُوبُ كُلُّهَا مُوجِبَةٌ لِلْعِقَابِ فَكَذَلِكَ هَذَا قُلْتُ: إِلَّا أَنْ يَعْفُوَ اللهُ، وَالْوَجْهُ الْآخَرُ أَنَّهُ لَا يُعَاقَبُ وَلَا يُثَابُ، وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ هَذِهِ الْأَعْمَالَ الَّتِي رَايَاهَا لَا تَنْفَعُهُ، فَيَثْقُلُ بِهَا مِيزَانُهُ وَيُرَجَّحُ بِهَا كَفَّةُ الطَّاعَاتِ كَفَّةَ الْمَعَاصِي، لَا أَنَّهُ يُعَاقَبُ عَلَى الرِّيَاءِ بِالنَّارِ، إِنَّمَا عُقُوبَةُ الرِّيَاءِ إِحْبَاطُ الْعَمَلِ فَقَطْ، وَوَجْهُ هَذَا أَنَّهُ عَمِلَ مَا عَمِلَ عِبَادَةً لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، إِلَّا أَنَّهُ أَرَادَ بِعَمَلِهِ حَمْدَ النَّاسِ فَإِذَا أُحِيلَ عَلَيْهِمْ فَقَدْ جُوزِيَ -[158]- بِصَنِيعِهِ، وَلَيْسَ لَهُ وَرَاءَ ذَلِكَ ذَنْبٌ يَسْتَوْجِبُ عِقَابًا؛ لِأَنَّ جَمِيعَ عَمَلِهِ شَيْئَانِ أَحَدُهُمَا فِعْلٌ لَمْ يَخْلُ مِنْ أَنْ يَكُونَ فِعْلُهُ عِبَادَةً لِلَّهِ تَعَالَى، لِأَنَّهُ لَوْ أَرَادَ عِبَادَةَ غَيْرِهِ لَكَفَرَ وَالْآخَرُ قَصْدُهُ أَنْ يَمْدَحَهُ النَّاسُ بِفِعْلِهِ لَا أَنْ يُثَابَ عَلَيْهِ فَأَمَّا الْأَوَّلُ فَلَيْسَ بِذَنْبٍ، وَأَمَّا الثَّانِي فَهُوَ الذَّنْبُ فَإِذَا لَمْ يَتُبْ وَقَصَّرَ عَلَى قَوْلِ النَّاسِ فَقَدْ جُوزِيَ فَثَبَتَ أَنَّ ذَلِكَ قُصَارَى أَمْرِهِ وَاللهُ أَعْلَمُ " قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: " فَعَلَى هَذَا تَأْوِيلُ الْخَبَرِ حِينَ أُمِرَ بِهِ فَأُلْقِيَ فِي النَّارِ أَنْ يَكُونَ لَهُ ذُنُوبٌ غَيْرَ ذَلِكَ وَلَمْ يُرَجَّحْ بِهَذَا الَّذِي عَمِلَهُ رِيَاءً كَفَّةُ الطَّاعَاتِ كَفَّةَ الْمَعَاصِي فَعُوقِبَ بِمَعَاصِيهِ لَا بِمَا فَعَلَ رِيَاءً وَاللهُ أَعْلَمُ، وَالْحَدِيثُ الَّذِي رَوَيْنَا عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَذَلِكَ حَدِيثُ أَنَسٍ كَالدِّلَالَةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ "