شعب الايمان (صفحة 6662)

الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ مِنْ شُعَبِ الْإِيمَانِ وَهُوَ بَابُ الِاقْتِصَادِ فِي النَّفَقَةِ وَتَحْرِيمِ أَكْلِ الْمَالِ الْبَاطِلِ " قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا} [الإسراء: 29] وَقَالَ: {وآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ، وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا} [الإسراء: 27] وَقَالَ فِي صِفَةِ الَّذِينَ سَمَّاهُمْ عِبَادَ الرَّحْمَنِ {الَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا، وَلَمْ يَقْتُرُوا، وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} [الفرقان: 67] فَاشْتَمَلَتْ هَذِهِ الْآيَاتُ كُلُّهَا عَلَى الْأَمْرِ بِالِاقْتِصَادِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْإِسْرَافِ وَذَلِكَ مُوَافِقٌ لِلنَّهْيِ عَنِ الْإِسْرَافِ فِي الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ؛ لِأَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: {كُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأعراف: 31] فَإِذَا كَانَ الْإِسْرَافُ فِي الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ مَمْنُوعًا، وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْإِسْرَافُ فِي الْإِنْفَاقِ مَمْنُوعًا لِأَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا يَكُونُ بِصَرْفِ الْمَالِ فِي أَكْثَرِ مِمَّا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنَ الْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ، وَذَلِكَ الْأَكْثَرُ مَمْنُوعٌ مِنْ أَكْلِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ صَرْفُ الْمَالِ فِي الْمَمْنُوعِ مَمْنُوعًا وَحَدُّ السَّرَفِ فِي الْأَكْلِ أَنْ يُجَاوِزَ الشِّبَعَ وَيُثْقِلَ الْبَدَنَ حَتَّى لَا يُمْكِنَ مَعَهُ أَدَاءُ وَاجِبٍ وَلَا قَضَاءُ حَقٍّ إِلَّا يُحْمَلُ عَلَى الْبَدَنِ وَلَيْسَ السَّرَفُ فِي الْإِنْفَاقِ كُلَّ مَا ذَكَرْنَا، لَكِنْ فِي الْمَسْكَنِ وَالْمَلْبَسِ وَالْمَرْكَبِ وَالْخُدَّامِ مِنَ السَّرَفِ مِثْلُ مَا فِي الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، فَأَمَّا الْإِنْفَاقُ فِيمَا يَبْقَى وَيَنْمُو فَلَيْسَ بِسَرَفٍ كَشَرْيِ الضِّيَاعِ وَالْمَوَاشِي لِلنَّسْلِ لِأَنَّ هَذِهِ تُغَلُّ وَتَنْمُو، فَيَزْدَادُ بِمَا يُصْرَفُ فِيهَا أَضْعَافُهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015