شعب الايمان (صفحة 472)

وَذَلِكَ فِيمَا أَخْبَرَنَا بِهِ أَبُو الْحَسَنِ الْعَلَاءُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْهُ

357 - أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْاسْفَرَايِينِيُّ الْإِمَامُ، أنبأ عَبْدُ الْخَالِقِ بْنُ الْحَسَنِ، حدثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ ثَابِتٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنِ الْهُذَيْلِ، عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ سُلَيْمَانَ، أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: {تَعْرُجُ} [المعارج: 4] " يَعْنِي: تَصْعَدُ ". {الْمَلَائِكَةُ} [المعارج: 4] " مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْعَرْشِ "، {وَالرُّوحُ} [المعارج: 4] " يَعْنِي جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَيْهِ فى الدُّنْيَا "، {فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ} [المعارج: 4] " عِنْدَكُمْ يَا بَنِي آدَمَ "، {خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} [المعارج: 4] يَعْنِي بِقَوْلِهِ: {فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} [المعارج: 4] يَقُولُ: " لَوْ وَلِيَ حِسَابَ الْخَلَائِقِ، وَعَرَضَهُمْ غَيْرِي لَمْ يَفْرُغْ مِنْهُ إِلَّا فِي مِقْدَارِ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، فَإِذَا أَخَذَ اللهُ فِي عَرْضِهِمْ يَفْرُغُ اللهُ مِنْهُ فِي مِقْدَارِ نِصْفِ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الدُّنْيَا فَلَا يَنْتَصِفُ ذَلِكَ الْيَوْمُ حَتَّى يَسْتَقِرَّ أَهْلُ الْجَنَّةِ فِي الْجَنَّةِ، وَأَهْلُ النَّارِ فِي النَّارِ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا} [الفرقان: 24] يَقُولُ: " لَيْسَ مَقِيلُهُمْ كَمَقِيلِ أَهْلِ النَّارِ " " وَإِلَى مَعْنَى هَذَا ذَهَبَ الْكَلْبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ الَّذِي يَرْوِيهِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ يَعْنِي لَوْ وَلِيَ مُحَاسَبَةَ الْعِبَادِ غَيْرُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، لَمْ يَفْرُغْ مِنْهُ فِي خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ " قَالَ الْبَيْهَقِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: وَرُوِّينَا عَنِ الْفَرَّاءِ أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: يَقُولُ: " لَوْ صَعِدَ غَيْرُ الْمَلَائِكَةِ لَصَعَدُوا فِي قَدْرِ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ " -[558]- وَإِلَى مَعْنَى هَذَا ذَهَبَ الْحَلِيمِيُّ رَحِمَهُ اللهُ، وَقَالَ: " التَّقْدِيرُ إِنَّمَا هُوَ لِعُرُوجِ الْمَلَائِكَةِ، وَالرُّوحِ مِنَ الْأَرْضِ يَعْنِي إِلَى الْعَرْشِ، وَقَدْ قَالَ: فِي غَيْرِ هَذِهِ السورة {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ، ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ} [السجدة: 5] فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى أَنَّهَا تَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ، ثُمَّ تَعْرُجُ مِنَ الْأَرْضِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فى يَوْمِهَا فَتَقْطَعُ مَا لوِ احْتَاجَ النَّاسُ إِلَى قَطْعِهَا مِنَ الْمَسَافَةِ، لَمْ يَقْطَعُوهَا إِلَّا فِي أَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ، وَيَنْزِلُ مِنْ عِنْدَ الْعَرْشِ إِلَى الْأَرْضِ، ثُمَّ يَعْرُجُ مِنْهَا إِلَيْهِ مِنْ يَوْمِهَا، وَلَوِ احْتَاجَ النَّاسُ إِلَى قَطْعِ هَذَا الْمِقْدَارِ مِنَ الْمَسَافَةِ لَمْ يَقْطَعُوهَا إِلَّا فِي خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ تَقْدِيرِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ بِسَبِيلٍ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ صِلَةِ قَوْلِهِ " ذِي الْمَعَارِجِ "، وَقَوْلِهِ: {إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا وَنَرَاهُ قَرِيبًا} [المعارج: 7] عَادَ إِلَى ذِكْرِ الْعَذَابِ الَّذِي وَصَفَهُ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ " وَأَكَّدَ هَذَا ممَا حُكِيَ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ أَنَّهُ قَالَ: " إن مَا بَيْنَ الْأَرْضِ وَالْعَرْشِ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ مِنْ أَيَّامِنَا وَشُهُورِنَا وَسِنِينِنَا " قَالَ: " وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إِنَّ الْمَلَائِكَةَ كَانَتْ تَسْتَطِيعُ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَنْ تَنْزِلَ إِلَى الْأَرْضِ مِنْ أَعْلَى مَقَامٍ لَهُمْ فِي السَّمَوَاتِ وَفَوْقَهَا، ثُمَّ تعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ، فَأَمَّا يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَلَا تَسْتَطِيعُ ذَلِكَ إِمَّا لِأَنَّ السَّمَوَاتِ إِذَا طُوِيَتْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ يَوْمَئِذٍ مِصْعَدٌ يُقْرَوْنَ فِيهِ، وَإِمَّا لِمَا يُشاهِدُونَ مِنْ عَظَمَةِ اللهِ، وَشِدَّةِ غَضَبِهِ ذَلِكَ الْيَوْمَ عَلَى أَهْلِ الْعِنَادِ مِنْ عِبَادِهِ فَيَفْتُرُ قُوَاهُمْ فَيَحْتَاجُونَ إِلَى الْعُرُوجِ إِلَى مُدَّةٍ أَطْوَلَ مِمَّا كَانُوا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ مِنْهَا قَبْلَهُ فَقَدَّرَ اللهُ ذَلِكَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ عَلَى مَعْنَى أَنَّ غَيْرَهُمْ لَوْ قَطَعَهَا لَمْ يَقْطَعْهَا إِلَّا فِي خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، وَهَكَذَا كَمَا جَاءَتْ بِهِ الْأَخْبَارُ مِنْ أَنَّ الْعَرْشَ عَلَى -[559]- كَوَاهِلِ أَرْبَعَةٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، ثُمَّ أَخْبَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُمْ يَكُونُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثَمَانِيَةً وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يَفْتُرُ قُوَاهُمْ يَوْمَئِذٍ إِلَى مَا ذَكَرْنَا فَيُؤَيَّدُونَ بِغَيْرِهِمْ، وَاللهُ أَعْلَمُ بِجَمِيعِ ذَلِكَ نَسْأَلُ اللهَ خَيْرَ ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَنَعُوذُ بِهِ مِنْ شَرِّ ذَلِكَ الْيَوْمِ "

طور بواسطة نورين ميديا © 2015