وَالَّذِي رُوِيَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يُبْعَثُ الْمَيِّتُ فِي ثِيَابِهِ الَّتِي يَمُوتُ فِيهَا " " يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ فِي أَعْمَالِهِ الَّتِي عَلَيْهَا مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رِوَايَةِ جَابِرٍ: " يُبْعَثُ كُلُّ عَبْدٍ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ "، وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يُبْعَثَ فِي ثِيَابِهِ الَّتِي يَمُوتُ فِيهَا، ثُمَّ تَتَنَاثَرُ عَنْهُ أَوْ عَنْ بَعْضِهِمْ، ثُمَّ يُحْشَرُ إِلَى مَوْقِفِ الْحِسَابِ عَارِيًا، ثُمَّ يُكْسَى بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ ثِيَابِ الْجَنَّةِ، وَاللهُ أَعْلَمُ. وَأَمَّا قَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي صِفَةِ الْكُفَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: {خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ} [القلم: 43]، وَقَوْلُهُ: {خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ} [القمر: 7] فَإِنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ وَاللهُ أَعْلَمُ حَالُ مُضِيِّهِمْ إِلَى الْمَوْقِفِ، وَقَوْلُهُ: {مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ} [إبراهيم: 43]-[550]- وَإِنَّمَا هُوَ إِذَا طَالَ الْقِيَامُ عَلَيْهِمْ فِي الْمَوْقِفِ فَيَصِيرُونَ من الْحِيرَةِ كَأَنَّهُمْ لَا قُلُوبَ لَهُمْ وَيَرْفَعُونَ رُءُوسَهُمْ فَيَنْظُرُونَ النَّظَرَ الطَّوِيلَ الدَّائِمَ، وَلَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ كَأَنَّهُمْ قَدْ نَسُوا الْغَمْضَ أَوْ جَهِلُوهُ وَالنَّاسُ فِي الْقِيَامَةِ لَهُمْ أَحْوَالٌ وَمَوَاقِفُ وَاخْتَلَفَ الْأَخْبَارُ عَنْهُمْ لِاخْتِلَافِ مَوَاقِفِهِمْ وَأَحْوَالِهِمْ " وَأَمَّا قَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ} [المؤمنون: 101] فَقَدْ رُوِّينَا: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: " هَذَا فِي النَّفْخَةِ الْأُولَى يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَيَصْعَقُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ، وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللهُ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ، ثُمَّ إِذَا نُفِخَ فِي النَّفْخَةِ الْأُخْرَى قَامُوا فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ "