وَقَدْ رُوِّينَا، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ أَحَدٍ مَرَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَقَدْ جُدِعَ وَمُثِّلَ بِهِ، فَقَالَ: " لَوْلَا أَنْ تَجِدَ صَفِيَّةَ تَرَكْتُهُ حَتَّى يَحْشُرَهُ اللهُ مِنْ بُطُونِ الطَّيْرِ وَالسِّبَاعِ "
351 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَاضِي، حدثنا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ، حدثنا رَوْحٌ، حدثنا أُسَامَةُ فَذَكَرَهُ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: " وَرُوِّينَا فِي حَدِيثِ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: " -[543]- لَوْلَا جَزْعُ النِّسَاءِ لَتَرَكْتُهُ يُحْشَرُ مِنْ حَوَاصِلِ الطَّيْرِ وَبُطُونِ السِّبَاعِ، وَفِي هَذَا دَلالة عَلَى أَنَّ مَا أَكَلَهُ السَّبُعُ أَوِ الطَّيْرُ أَوْ حُوتُ المَاءِ حُشِرَ بِجَمِيعِ الْأَجْزَاءِ الَّتِى أُكِلَتْ مِنْهَا أَمَّا مَا أَكَلَهُ النَّاسُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ وصَارَ غِذَاءً لَهُ "، فَقَدْ زَعَمَ الْحَلِيمِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: أَنَّهُ لَا يُرَدُّ إِلَى أَصْلِهِ لَكِنَّ صَاحِبَهُ يُعَوَّضُ مِنْهُ، وَقَدْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ قَدِ انْقَلَبَ مِنْ مُكَلَّفٍ إِلَى مُكَلَّفٍ وَرَدُّهُ يُؤَدِّي إِلَى إِدْخَالِ جُزْءٍ مِنَ الْكَافِرِ الْجَنَّةَ، أَوْ جُزْءٍ مِنَ الْمُؤْمِنِ النَّارَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِي غَيْرِ الْمُكَلَّفِ، وَإِنَّمَا هُوَ فِي مَعْنَى مَا تَأْكُلُهُ الْأَرْضُ فَيُعَادُ، وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِيهِ، فصل وَإِذَا أَحْيَا اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى النَّاسَ كُلَّهُمْ قَامُوا عَجِلِينَ يَنْظُرُونَ مَا يُرَادُ بِهِمْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى، فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ} [الزمر: 68] وَقَدْ أَخْبَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنِ الْكُفَّارِ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: {يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا} [يس: 52]، وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ: {هَذَا يَوْمُ الدِّينِ} [الصافات: 20]، فَتَقُولُ لَهُمُ الْمَلَائِكَةُ: {هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ} [الصافات: 21] ثُمَّ يُومَرُ بِحَشْرِ النَّاسِ إِلَى مَوْقِفِ الْعَرْضِ، وَالْحِسَابُ وَهُوَ السَّاهِرَةُ فقَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ} [النازعات: 14] " قَالَ الْبَيْهَقِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: وَرُوِّينَا عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، أَنَّهُ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ فَقَالَ: " هَهُنَا السَّاهِرَةُ يَعْنِي بَيْتَ الْمَقْدِسِ " -[544]- وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَوْقُوفًا وَمَرْفُوعًا مَا دَلَّ عَلَى: " أَنَّ الشَّامَ أَرْضُ الْمَحْشَرِ " وَقَالَ الْفَرَّاءُ: " السَّاهِرَةُ وَجْهُ الْأَرْضِ كَأَنَّهَا سُمِّيَتْ بِهَذَا الِاسْمِ لِأَنَّ فِيهِ الْحَيَوَانَ نَوْمَهُمْ وَسَهَرَهُمْ " وَرَوَى بِإِسْنَادِه، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: " السَّاهِرَةُ: الْأَرْضُ " قَالَ الْحَلِيمِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: " وَمَعْنَاهُ فَإِذَا هُمْ قَدْ صَارُوا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ بَعْدَ أَنْ كَانُوا فِي جَوْفِهَا، وَقِيلَ: السَّاهِرَةُ صَحْرَاءُ، قُرْبَ شَفِيرِ جَهَنَّمَ وَاللهُ أَعْلَمُ "