شعب الايمان (صفحة 4487)

الثَّالِثُ وَالثَّلَاثُونَ مِنْ شُعَبِ الْإِيمَانِ وَهُوَ بَابٌ فِي تَعْدِيدِ نِعَمِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَمَا يَجِبُ مِنْ شُكْرِهَا " قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيمَا عَدَّدَ عَلَى عِبَادِهِ مِنْ نِعَمِهِ، وَنَبَّهَهَمُ بِذَلِكَ عَلَى مَا يَلْزَمُهُمْ مِنْ عِبَادَتِهِ تَعْظِيمًا لَهُ وَشُكْرًا: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلْقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قِبَلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً، فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: 22] ". قَالَ الْحَلِيمِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: " وَهَذَا يَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ: أَحَدُهُمَا اعْبُدُوهُ، وَلَا تَغفلُوا عَنْ عِبَادَتِهِ، فَإِنَّ مِنْ حَقِّهِ عَلَيْكُمْ أَنْ تَعْبُدُوهُ إِذْ كان خَلْقَكُمْ، وَهُوَ يَرْزُقُكُمْ، وَيُنْعِمُ عَلَيْكُمْ ". قَالَ الشَّيْخُ: " وَقَدْ أَمْرَكُمْ بِعِبَادَتِهِ فَصَارَتْ وَاجِبَةً عَلَيْكُمْ بِأَمْرِهِ ". قَالَ الْحَلِيمِيُّ: " وَالْآخَرُ اعْبُدُوهُ دُونَ غَيْرِهِ، فَإِنَّ خَلْقَكُمْ وَخَلَقَ مَنْ قَبْلَكُمْ، إِنَّمَا كَانَ مِنْهُ لَا مِنْ غَيْرِهِ، فَلَا تَجْعَلُوا لَهُ نِدًّا، وَأَخْلِصُوا الْعِبَادَةَ لَهُ، وَلَا تُسَمُّوا بِاسْمِهِ، وَهُوَ لَا إِلَهَ غَيْرُهُ، ثُمَّ إِنَّ اللهَ عَزَّ وجل بَيَّنَ بمَّا عَدَّدَ مِنْ نِعَمِهِ عَلَى النَّاسِ مَا يُلْزِمُهُمْ بِهِا مِنْ تَعْظِيمِهِ أَوَّلًا، ثُمَّ شُكْرِهِ عَلَى مَا ابْتَدَأَهُ بِهِ مِنْهَا ". قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ: " قَوْلُهُ مَا يُلْزِمُهُمْ بِهَا يُرِيدُ مَا يَلْزَمُهم بِسَبَبِهَا. ثُمَّ اللزومُ وَقَعَ بِالْأَمْرِ، أَلَا تَرَاهُ احْتَجَّ بِالْآيَةِ وَلَوْ قَالَ: مَا يُلْزِمُهُمْ فِيهَا بِأَمْرِهِ مِنْ تَعْظِيمِهِ أَوَّلًا، ثُمَّ شُكْرِهِ عَلَى مَا ابْتَدَأَهُمْ بِهِ مِنْهَا لَكَانَ أَصَوْبُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015