وَهُوَ بَابٌ فِي الْمُرَابَطَةِ فِي سَبِيلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [آل عمران: 200]. قَالَ: " وَالْمُرَابَطَةُ فِي سَبِيلِ اللهِ تَنْزِلُ مِنَ الْجِهَادِ وَالْقِتَالِ مَنْزِلَةَ الِاعْتِكَافِ فِي الْمَسَاجِدِ مِنَ الصَّلَاةِ، لِأَنَّ الْمُرَابِطَ يُقِيمُ فِي وَجِهِ الْعَدُوِّ مُتَأَهِّبًا مُسْتَعِدًّا حَتَّى إِذَا أَحَسَّ مِنَ الْعَدُوِّ بِحَرَكَةٍ أَوْ غَفَلَةٍ نَهَضَ، فَلَا يَفُوتُهُ بِالتَّأَهُّبِ وَالْإِتْيَانِ مِنْ بَعْدِ فَرْضِهِ. كَمَا أَنَّ الْمُعْتَكِفَ يَكُونُ فِي مَوْضِعِ الصَّلَاةِ مُسْتَعِدًّا، فَإِذَا دَخَلَ الْوَقْتُ وَحَضَرَ الْإِمَامُ قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ، وَلَمْ يَشْغَلْهُ عَنْ إِتْيَانِ الْمَسَاجِدِ شَاغِلٌ، وَلَا حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلَاةِ مَعَ الْإِمَامِ حَائِلٌ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْمُرَابَطَةَ أَشَقُّ مِنَ الِاعْتِكَافِ، فَإِذَا كَانَ الِاعْتِكَافُ مُسْتَحَبًّا مَنْدُوبًا إِلَيْهِ فَالْمُرَابَطَةُ مِثْلُهُ، وَاللهُ أَعْلَمُ "