شعب الايمان (صفحة 382)

292 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنُ مَحْبُوبٍ الدَّهَّانُ، حدثنا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ هَارُونَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ، حدثنا يُوسُفُ بْنُ بِلَالٍ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ، حَدَّثَنِي الْكَلْبِيُّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إِنَّ مَقِيسَ بْنَ صُبَابَةَ وَجَدَ أَخَاهُ هِشَامَ -[469]- بْنَ صُبَابَةَ مَقْتُولًا فِي بَنِي النَّجَّارِ، وَكَانَ مُسْلِمًا، فَأَتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَسُولًا مِنْ بَنِي فِهْرٍ، وَقَالَ لَهُ:" ايتِ بَنِي النَّجَّارِ فَأَقْرِئْهُمْ مِنِّي السَّلَامَ، وَقُلْ لَهُمْ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُكُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ قَاتِلَ هِشَامٍ أَنْ تَدْفَعُوهُ إِلَى أَخِيهِ فَيَقْتَصَّ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا لَهُ قَاتِلًا أَنْ تَدْفَعُوا إِلَيْهِ دِيَتَهُ"، فَأَبْلَغَهُمْ الْفِهْرِيُّ ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: سَمْعًا وَطَاعَةً لِلَّهِ وَلِرَسُولِ اللهِ وَاللهِ مَا نَعْلَمُ لَهُ قَاتِلًا، وَلَكِنَّا نُؤَدِّي إِلَيْهِ دِيَتَهُ قَالَ: فَأَعْطَوْهُ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ، ثُمَّ انْصَرَفَا رَاجِعِينَ نَحْوَ الْمَدِينَةِ، وَبَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ قَرِيبٌ، فَأَتَى الشَّيْطَانُ مَقِيسَ بْنَ صُبَابَةَ فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ فَقَالَ: أَيُّ شَيْءٍ صَنَعْتَ؟ تَقْبَلُ دِيَةَ أَخِيكَ فَيَكُونُ عَلَيْكَ سُبَّةً، اقْتُلِ الَّذِي مَعَكَ فَيَكُونُ نَفْسٌ مَكَانَ نَفْسٍ، وَفَضْلٌ بِالدِّيَةِ قَالَ: فَرَمَى إِلَى الْفِهْرِيِّ بِصَخْرَةٍ فَشَدَخَ رَأْسَهُ، ثُمَّ رَكِبَ بَعِيرًا مِنْهَا وَسَاقَ بَقِيَّتَهَا رَاجِعًا إلى مَكَّةَ كَافِرًا فَجَعَلَ يَقُولُ فِي شِعْرِهِ:

[البحر الطويل]

قَتَلْتُ بِهِ فِهْرًا وَحَمَلْتُ عَقْلَهُ ... سَرَاةَ بَنِي النَّجَّارِ أَرْبَابِ قَارِعِ

وَأَدْرَكْتُ ثَأْرِي وَاضْطَجَعْتُ مُوَسِّدًا ... وَكُنْتُ إِلَى الْأَوْثَانِ أَوَّلَ رَاجِعِ

قَالَ: فَنَزَلَتْ فِيهِ هَذِهِ الْآيَةُ: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} [النساء: 93] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ رَحِمَهُ اللهُ:" وَجَوَابٌ آخَرُ، وَهُوَ مَا رُوِّينَا عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ لَاحِقِ بْنِ حُمَيْدٍ، وَهُوَ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} [النساء: 93] قَالَ: هِيَ جَزَاؤُهُ فَإِنْ شَاءَ اللهُ أَنْ يَتَجَاوَزَ عَنْ جَزَائِهِ فَعَلَ.

293 - أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، حدثنا -[470]- أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حدثنا أَبُو شِهَابٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ لَاحِقِ بْنِ حُمَيْدٍ فَذَكَرَهُ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَثْبُتْ إِسْنَادُهُ. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: وَبَلَغَنِي عَنْ أَبِي سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيِّ الْبُسْتِيِّ رَحِمَهُ اللهُ أَنَّهُ قَالَ:" الْقُرْآنُ كُلُّهُ بِمَنْزِلَةِ الْكَلِمَةِ الْوَاحِدَةِ، وَمَا تَقَدَّمَ نُزُولُهُ وَمَا تَأَخَّرَ فِي وُجُوبِ الْعَمَلِ بِهِ سَوَاءٌ مَا لَمْ يَقَعْ بَيْنَ الْأَوَّلِ وَالْآخِرِ مُنَافَاةٌ، وَلَوْ جُمِعَ بَيْنَ قَوْلِهِ: {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48]، وَبَيْنَ قَوْلِهِ: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا} [النساء: 93] وَأُلْحِقَ بِهِ قَوْلُهُ: {لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48] لَمْ يَكُنْ مُتَنَاقِضًا، فَشَرْطُ الْمَشِيئَةِ قَائِمٌ فِي الذُّنُوبِ كُلِّهَا مَا عَدَا الشِّرْكَ، وَأَيْضًا فَإِنَّ قَوْلَهُ: {فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} [النساء: 93] يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ: فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ إِنْ جَازَاهُ اللهُ، وَلَمْ يَعْفُ عَنْهُ فَالْآيَةُ الْأُولَى خَبَرٌ لَا يَقَعُ فِيهِ الْخُلْفُ، وَالْآيَةُ الْأُخْرَى، وَعْدٌ يُرْجَى فِيهِ الْعَفْوُ وَاللهُ أَعْلَمُ"

طور بواسطة نورين ميديا © 2015