274 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، حدثنا أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ يَعْقُوبَ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْيدِ اللهِ الْمُنَادِي، حدثنا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حدثنا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنِ الْإِيمَانِ قَالَ: " الْإِيمَانُ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ، وَتُؤْمِنَ بِالْجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَالْمِيزَانِ، وتُؤْمِنَ بِالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ ". قَالَ - يَعْنِي السَّائِلَ -: إِذَا فَعَلْتُ هَذَا فَأَنَا مُؤْمِنٌ؟ قَالَ: " نَعَمْ ". قَالَ: صَدَقْتَ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: " فِي الْآيَةِ الَّتِي كَتَبْنَاهَا دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ أَعْمَالَ الْكُفَّارِ تُوزَنُ لِأَنَّهُ قَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى: {بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ} [الأعراف: 9]، وَالظُّلْمُ بِآيَاتِ اللهِ الِاسْتِهْزَاءُ بِهَا، وَتَرْكُ الْإِذْعَانِ لَهَا، وَقَالَ فِي آيَةٍ: {فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ} [المؤمنون: 103] إِلَى أَنْ قَالَ: {أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ} [المؤمنون: 105]، وَقَالَ فِي آيَةٍ: {فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ نَارٌ حَامِيَةٌ} [القارعة: 10]، -[439]- وَهَذَا الْوَعِيدُ بِالْإِطْلَاقِ لَا يَكُونُ إِلَّا لِلْكُفَّارِ، فَإِذَا جُمِعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ: {وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا} [الأنبياء: 47] ثَبَتَ أَنَّ الْكُفَّارَ يُسْأَلُونَ عَنْ كُلِّ مَا خَالَفُوا بِهِ الْحَقَّ مِنْ أَصْلِ الدِّينِ وَفُرُوعِهِ، إِذْ لَوْ لَمْ يُسْأَلُوا عَمَّا وَافَقُوا فِيهِ أَصْلَ تَدَيُّنِهِمْ مِنْ ضُرُوبِ تَعاطِيهِمْ، وَلَمْ يُحَاسَبُوا بِهَا لَمْ يُعْتَدَّ بِهَا فِي الْوَزْنِ أَيْضًا، وَإِذَا كَانَتْ مَوْزُونَةً فِي وَقْتِ الْوَزْنِ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُم مُحَاسَبُونَ بِهَا فِي مَوْقِفِ الْحِسَابِ وَاللهُ أَعْلَمُ، وَهَذَا عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ فِي الْكُفَّارِ أَنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ بِالشَّرَائِعِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: {وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} [فصلت: 6] فَتَوَعَّدَهُمْ عَلَى مَنْعِ الزَّكَاةِ وَأَخْبَرَ عَنِ الْمُجْرِمِينَ أَنَّهُمْ يُقَالُ لَهُمْ {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قَالُوا: لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ، وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ، وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ، وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ} [المدثر: 42] فَبَانَ بِهَذَا أَنَّ الْمُشْرِكِينَ مُخَاطَبُونَ بِالْإِيمَانِ بِالْبَعْثِ، وَبِإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَأَنَّهُمْ مَسْئُولُونَ عَنْهَا مُخَاطَبُونَ بِهَا مُجْزَوْنَ عَلَى مَا أَخَلُّوا بِهِ مِنْهَا وَاللهُ أَعْلَمُ، وَاخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ الْوَزْنِ، فَذَهَبَ ذَاهِبُونَ إِلَى أَنَّ الْكَافِرَ قَدْ يَكُونُ مِنْهُ صِلَةُ الْأَرْحَامِ وَمُوَاسَاةُ النَّاسِ، وَرَحْمَةُ الضَّعِيفِ وَإِغاثةُ اللهْفَانِ، وَالدَّفْعُ عَنِ الْمَظْلُومِ، وَعِتْقُ الْمَمْلُوكِ، وَنَحْوُهَا مِمَّا لَوْ كَانَتْ مِنَ الْمُسْلِمِ لَكَانَتْ بِرًّا وَطَاعَةً فَمَنْ كَانَ لَهُ أَمْثَالُ هَذِهِ الْخَيْرَاتِ مِنَ الْكُفَّارِ، فَإِنَّهَا تُجْمَعُ وَتُوضَعَ فِي مِيزَانِهِ لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى قَالَ: {فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا} [الأنبياء: 47] فَتَأْخُذُ مِنْ مِيزَانِهِ شَيْئًا غَيْرَ أَنَّ الْكُفْرَ إِذَا قَابَلَهَا رَجَحَ بِهَا، وَقَدْ حَرَّمَ اللهُ الْجَنَّةَ -[440]- عَلَى الْكُفَّارِ فَجَزَاءُ خَيْرَاتِهِ أَنْ يُخَفَّفَ عَنْهُ الْعَذَابُ فَيُعَذَّبُ عَذَابًا، دُونَ عَذَابِ كَأَنَّهُ لَمْ يَصْنَعْ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْخَيْرَاتِ " وَمَنْ قَالَ: بِهَذَا احْتَجَّ بِمَا