وَرُوِّينَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثَ الرُّؤْيَةِ قَالَ:" فَيَلْقَى الْعَبْدَ فَيَقُولُ: أَيْ فُلْ، أَلَمْ أُكْرِمْكَ وَأُسَوِّدْكَ، وَأُزَوِّجْكَ، وَأُسَخِّرْ لَكَ الْخَيْلَ وَالْإِبِلَ، وَأَذَرْكَ تَرْأَسُ وَتَرْبَعُ؟ قَالَ: فَيَقُولُ: بَلَى أَيْ رَبِّ، قَالَ: فَيَقُولُ: أَظَنَنْتَ أَنَّكَ مُلَاقِيَّ؟ فَيَقُولُ: لَا. فَيَقُولُ: الْيَوْمَ أَنْسَاكَ كَمَا نَسِيتَنِي، ثُمَّ يَلْقَى الثَّانِي فَيَقُولُ: أَيْ فُلْ، فَذَكَرَ فِي السُّؤَالِ، وَالْجَوَابِ مِثْلَ الْأَوَّلِ، ثُمَّ يَلْقَى الثَّالِثَ فَيَقُولُ: مِثْلَ ذَلِكَ فَيَقُولُ: آمَنْتُ بِكَ، وَبِكِتَابِكَ، وَبِرَسُولِكَ، وَصَلَّيْتُ، وَصُمْتُ، وَتَصَدَّقْتُ فَيُقَالُ: الْآنَ نَبْعَثُ شَاهِدَنَا عَلَيْكَ فَيُفَكِّرُ فِي نَفْسِهِ مَنِ الَّذِي يَشْهَدُ عَلَيْهِ فَيُخْتَمُ عَلَى فِيهِ، وَيُقَالُ لِفَخِذِهِ انْطِقِي فَتَنْطِقُ فَخِذُهُ، وَلَحْمُهُ، وَعَظْمُهُ بِعَمَلِهِ مَا كَانَ ذَلِكَ لِيُعْذِرَ مِنْ نَفْسِهِ، وَذَلِكَ الْمُنَافِقُ، وَذَلِكَ الَّذِي يَسْخَطُ اللهُ عَلَيْهِ"
263 - أَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، حدثنا بِشْرُ بْنُ مُوسَى، -[426]- حدثنا الْحُمَيْدِيُّ، حدثنا سُفْيَانُ، حدثنا سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَهُوَ مُخَرَّجٌ فِي كِتَابِ مُسْلِمٍ" وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ بَعْضَهُمْ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ، وَبَعْضُهُمْ يُنْكِرُ فَيُخْتَمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ، وَتَشْهَدُ عَلَيْهِمْ سَائِرُ جَوَارِحِهِمْ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْإِنْكَارِ مِنَ الْمُنَافِقِينَ كَمَا فِي خَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُمْ وَمِمَّنْ شَاءَ اللهُ، وَمِنْ سَائِرِ الْكَافِرِينَ حِينَ رَأَوْا يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَغْفِرُ اللهُ لِأَهْلِ الْإِخْلَاصِ ذُنُوبَهُمْ، لَا يَتَعَاظَمُ عَلَيْهِ ذَنْبٌ أَنْ يَغْفِرَهُ، وَلَا يَغْفِرُ الشِّرْكَ. قَالُوا:" إِنَّ رَبَّنَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ، وَلَا يَغْفِرُ الشِّرْكَ، فَتَعَالَوْا حَتَّى نَقُولَ: إِنَّا كُنَّا أَهْلَ ذُنُوبٍ، وَلَمْ نَكُنْ مُشْرِكِينَ فَقَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَمَا إِذْ كَتَمُوا الشِّرْكَ فَاخْتِمُوا عَلَى أَفْوَاهِهِمْ فَيُخْتَمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ، فَتَنْطِقُ أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ، فَعِنْدَ ذَلِكَ عَرَفَ الْمُشْرِكُونَ أَنَّ اللهَ لَا يَكْتُمُ حَدِيثًا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا، وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ، وَلَا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثًا} [النساء: 42] " وَهَذَا فِيمَا رُوِّينَا، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَذَكَرَهُ." وَقَدْ قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: فِي سُورَةِ زُلْزِلَتْ: {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا} [الزلزلة: 4]، -[427]- وَرُوِّينَا، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ فَقَالَ:" أَنْ تَشْهَدَ عَلَى كُلِّ عَبْدٍ وَأَمَةٍ بِمَا عَمِلُوا عَلَى ظَهْرِهَا فَتَقُولُ عَمِلَ كَذَا وَكَذَا فِي يَوْمِ كَذَا وَكَذَا فَذَلِكَ أَخْبَارُهَا"، وَدَلَّتِ الْأَخْبَارُ عَنْ سَيِّدِنَا الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَنَّ كَثِيرًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ، وَكَثِيرًا مِنْهُمْ يُحَاسَبُونَ حِسَابًا يَسِيرًا، وَكَثِيرًا مِنْهُمْ يُحَاسَبُونَ حِسَابًا شَدِيدًا"