وَأَمَّا التَّسْلِيمُ فَهُوَ أَنْ يُقَالَ: السَّلَامُ عَلَى النَّبِيِّ، وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ، أَوْ سَلَامٌ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ، أَوْ يَا رَسُولَ اللهِ، وَلَوْ قَالَ: اللهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى مُحَمَّدٍ لَأَغْنَى ذَلِكَ عَنِ السَّلَامِ عَلَيْهِ فِي التَّشَهُّدِ، وَمَعْنَى: السَّلَامُ عَلَيْكَ، اسْمُ السَّلَامِ عَلَيْكِ، وَالسَّلَامُ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فكأنه يُقَالُ: اسْمُ اللهِ عَلَيْكَ وَتَأْوِيلُهُ لَا خَلَوْتَ مِنَ الْخَيْرَاتِ وَالْبَرَكاتِ، وَسَلِمْتَ مِنَ الْمَكَارِهِ وَالْمَذَامِّ، إِذْ كَانَ اسْمُ اللهِ تَعَالَى إِنَّمَا يُذْكَرُ عَلَى الْأَعْمَالِ تَوَقُّعًا لِاجْتِمَاعِ مَعَانِي الْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ فِيهِ، وَانْتِفَاءِ عَوارِضِ الْخَلَلِ وَالْفَسَادِ عَنْهُ، وَوَجْهٌ آخَرُ وهُوَ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ لِيَكُنْ قَضَاءُ اللهِ عَلَيْكَ السَّلَامُ، وَهُوَ السَّلَامَةُ كَالمَقَامِ وَالْمَقَامَةِ، وَالْمَلَامِ وَالْمَلَامَةِ أَيْ سَلَّمَكَ اللهُ مِنَ الْمَذَامِّ وَالنَّقَائِصِ، فَإِذَا قُلْنَا: اللهُمَّ سَلِّمْ عَلَى مُحَمَّدٍ، كأنَّمَا نُرِيدُ بِهِ اللهُمَّ اكْتُبْ لِمُحَمَّدٍ فِي دَعَوْتِهِ وَأُمَّتِهِ وذكره السَّلَامَةَ مِنْ كُلِّ نَقْصٍ، فَتَزْدَادُ دَعْوَتُهُ عَلَى الْأَيَّامُ عُلُوًّا، وَأُمَّتُهُ تَكَاثُرًا وَذِكْرُهُ ارْتِفَاعًا وَلَا يُعَارِضُهُ مَا يُوهِنُ لَهُ أَمْرًا بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ وَاللهُ أَعْلَمُ، وَأَمَّا الرَّحْمَةُ فَإِنَّهَا تَجْمَعُ مَعْنَيَيْنِ أَحَدُهُمَا إِزَاحَةُ الْعِلَّةِ وَالْآخَرُ الْإِثَابَةُ بِالْعَمَلِ وَهِيَ فِي الْجُمْلَةِ غَيْرُ الصَّلَاةِ أَلَا تَرَى أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ} [البقرة: 157] فَفَصَلَ بَيْنَهُمَا، وَجَاءَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مَا دَلَّ عَلَى انْفِصَالِهِمَا عِنْدَهُ " يَعْنِي مَا