1321 - أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ الْفَامِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُؤَمَّلِ، حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا مِنْجَابٌ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ، أَخْبَرَنِي جَبَلَةُ بْنُ حَارِثَةَ، قَالَ: قَدِمَتْ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ ابْعَثْ مَعَ أَخِي زَيْدًا قَالَ: " هُوَ ذَا فَإِنِ انْطَلَقَ لَمْ أَمْنَعْهُ " فَقَالَ زَيْدٌ: وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ لَا اخْتَارَ عَلَيْكَ أَحَدًا أَبَدًا، فَرَأَيْتُ رَأْيَ أَخِي أَفْضَلَ مِنْ رأَيِيَ قَالَ الْحَلِيمِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: وَأَصْلُ هَذَا الْبَابِ أَنْ يَقِفَ عَلَى مَدَائِحِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمَحَاسِنِ الثَّابِتَةِ لَهُ فِي نَفْسِهِ ثُمَّ عَلَى حُسْنِ آثَارِهِ فِي دِينِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمَا يَجِبُ لَهُ مِنَ الْحَقِّ عَلَى أُمَّتِهِ شَرْعًا وَعَادَةً، فَمَنْ أَحَاطَ بِذَلِكَ وَسَلِمَ عَقْلُهُ، عَلِمَ أَنَّهُ أَحَقُّ بِالْمَحَبَّةِ مِنَ الْوَالِدِ الَفَاضِلِ فِي نَفْسِهِ الْبَرِّ الشَّفِيقِ عَلَى وَلَدِهِ، وَمِنَ الْمُعَلِّمِ الرَّضِيِّ فِي نَفْسِهِ، الْمُقْبِلِ عَلَى التَّعَلُّمِ الْمُجْتَهِدِ فِي التَّخْرِيجِ، وَمَدَائِحُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَثِيرَةٌ -[509]- مِنْهَا شَرَفُ أَصْلِهِ وَطَهَارَةُ مَوْلِدِهِ، وَمِنْهَا أَسْمَاؤُهُ الَّتِي اخْتَارَهَا اللهُ لَهُ وَسَمَّاهُ بِهَا وَمِنْهَا إِشَادَةُ اللهِ تَعَالَى بِذِكْرِهِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَهُ حَتَّى عَرَفَهُ الْأَنْبِيَاءُ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ وَأُمَمُهُمْ قَبْلَ أَنْ يَعْرِفَ نَفْسَهَ وَتَعْرِفَهُ أُمَّتُهُ. وَمِنْهَا حُسْنُ خَلْقِهِ وَخُلُقِهِ وَكَرَمُ إِتْحَافِهِ وَأَسْمَائِهِ. وَمِنْهَا بَيَانُهُ وَفَصَاحَتُهُ، وَقَوْلُهُ: " أُوتِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ، وَاخْتَصَرَ لِيَ الْحَدِيثَ اخْتِصَارًا " وَمِنْهَا حَدَبُهُ عَلَى أُمَّتِهِ وَرَأْفَتُهُ بِهِمْ وَمَا سَاقَ اللهُ تَعَالَى بِهِ إِلَيْهِمْ مِنَ الْخَيْرَاتِ الْعَظِيمَةِ فِي الدُّنْيَا، وَعَرَّضَهُمْ لَهُ مِنْ شَفَاعَتِهِ لَهُمْ فِي الْآخِرَةَ، وَمِنْهَا زُهْدُهُ فِي الدُّنْيَا وَصَبْرُهُ عَلَى شَدَائِدِهَا وَمَصَائِبَهَا، وَأَمَّا الْمَرْتَبَةُ الْعُظْمَى وَهِيَ النُّبُوَّةُ وَالرِّسَالَةُ فَلَهُ فِيهَا مِنَ الْمَآثِرِ الرَّفِيعَةِ: عُمُومُ رِسَالَتِهِ الثَّقَلَيْنِ وَشُمُولُهَا بَيْنَ الْخَافِقَيْنِ، وَأَنَّهُ خَاتَمُ النَّبِيِّينَ، وَسَيِّدُ الْمُرْسَلِينَ، وَأَكْرَمُهُمْ فِي الدُّنْيَا أَعْلَامًا، وَأَحْمَدُهُمْ فِي الْآخِرَةِ مَقَامًا، وَذَلِكَ أَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ، وَأَوَّلُ شَافِعٍ وَمُشَفَّعٍ، وَهُوَ صَاحِبُ اللِّوَاءِ الْمَحْمُودِ، وَصَاحِبُ الْحَوْضِ الْمَوْرُودِ، وَأَقْسَمَ اللهُ بِحَيَاتِهِ، وَلَمْ يُخَاطِبْهُ بِاسْمِهِ فِي الْقُرْآنِ وَلَا كُنْيَتِهِ، بَلْ دَعَاهُ بِاسْمِ النُّبُوَّةِ وَالرِّسَالَةِ وَاصْطَفَاهُ بِذَلِكَ عَلَى الْجَمَاعَةِ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: " وَقَدْ صَنَّفْتُ بِتَوْفِيقِ اللهِ تَعَالَى كِتَابًا فِي دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ وَمَعْرِفَةِ أَحْوَالِ صَاحِبِ الرِّسَالَةِ مِنْ وَقْتِ وِلَادَتِهِ إِلَى حَالِ وَفَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَكَرْتُ فِيهِ مِنَ الْأَخْبَارِ وَالْآثَارِ مَا يَكُونُ بَيَانًا لِمَا أَوْرَدَهُ الْحَلِيمِيُّ رَحِمَهُ اللهُ، وَإِيرَادُ جَمِيعِهِ هَهُنَا مِمَّا يَطُولُ بِهِ الْكِتَابُ فَاقْتَصَرْتُ فِي كُلِّ فَصْلٍ مِنْ هَذِهِ الْفُصُولِ عَلَى الْإِشَارَةِ إِلَى مَا يَتَبَيَّنُ بِهِ مَقُصُودُهُ وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ "