شعب الايمان (صفحة 1399)

1225 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: سَمِعْتُ فَارِسَ بْنَ عِيسَى الصُّوفِيَّ، - وَكَانَ مِنَ الْمُتَحَقِّقِينَ بِعُلُومِ أَهْلِ الْحَقَائِقِ - يَقُولُ: سَمِعْتُ الْجُنَيْدَ بْنَ مُحَمَّدٍ، يَقُولُ: " الْفُقَرَاءُ ثَلَاثَةٌ: فَقِيرٌ لَا يَسْأَلُ وَإِنْ أُعْطِيَ لَمْ يَأْخُذْ، فَذَلكَ مِنَ الرُّوحَانِيِّينَ، وَفَقِيرٌ لَا يَسْأَلُ وَإِنْ أُعْطِيَ أَخَذَ، فَذَلِكَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ، وَفَقِيرٌ يَسْأَلُ وَكَفَّارَةُ مَسْأَلَتِهِ صَدَقَةٌ " قَالَ فَارِسٌ: شَرْطُ الطَّلَبِ أَنْ يَكُونَ الطَّالِبُ غَيْرَ مُعْتَقِدٍ أَوَلًا أَنْ لَا سَبَبَ لِلطَّلَبِ وَلَا مُمَيِّزَ، وَلَا قَاصِدًا إِلَى زَيْدٍ دُونَ عَمْرٍو وَلَا إِلَى عَمْرٍو دُونَ زَيْدٍ بِأَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ، وَيَطْلُبُ الرِّزْقَ مِنْ حَيْثُ أُمِرَ، فَيَكُونُ اللهُ الْمُعْطِي وَالْعَبْدُ سَبَبًا وَاللهُ الْمُسَبِّبُ، وَهُوَ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَوْ تَوَكَّلْتُمْ عَلَى اللهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ " الْحَدِيثُ -[460]- ولَمَّا أَثْبَتَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مُتَوَكِّلًا لَمْ يَخْلُ مَعَ تَوَكُّلٍ مِنَ الْحَرَكَاتِ مَعَ عَدَمِ الْمَطَالِبِ، وَالْقَاصِدُ فِي حَرَكَاتِهِ، كَانَ الْمُتَحَرِّكُ بِالْوَصْفِ الَّذِي قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ، مُتَوَكِّلًا مَعَ وُجُودِ الْحَرَكَةِ مِنْهُ كَالطَّيْرِ مَعَ وُجُودِ الْحَرَكَةِ فِيهِ بِتَصْحِيحِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّوَكُّلَ لَهُ، وَلَمْ يَمْنَعْهُ مِنَ الْحَرَكَةِ عَلَى مَعْنَى وَصْفِهِ. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: " فَمَنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا فَتَكَسَّبَ بِإِذْنِ اللهِ تَعَالَى فِي ذَلِكَ، وَشَكَرَ اللهَ تَعَالَى عَلَى أَنَّهُ جَعَلَهُ سَبَبًا لِمَعَاشِهِ، وَأَنَّهُ هَدَاهُ لَهُ، وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ، وَنَفَعَهُ بِهِ، ثُمَّ مَنْ زَهِدَ مِنْهُمْ فِي الدُّنْيَا وَرَغِبَ فِي الْآخِرَةِ، اكْتَفَى بِأَقَلَّ مَا يَكُونُ قُوتًا، وَتَصَدَّقَ بِالْبَاقِي، كَمَا كَانَ الْقُرَّاءُ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُونَهُ، أَوِ اقْتَصَرَ عَلَى اكْتِسَابِ أَقَلِّ مَا يَكُونُ قُوتًا، ثُمَّ اشْتَغَلَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْعِبَادَةِ وَاللهُ أَعْلَمُ "

طور بواسطة نورين ميديا © 2015