وَرُوِّينَا عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، أَنَّهُ قَالَ: " نَهَانَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنِ الْكَيِّ، فَاكْتَوَيْنَا فَمَا أَفْلَحْنَا وَلَا أَنْجَحْنَا " وَفِي هَذَا مَا دَلَّ عَلَى أَنَّهُ عَلَى غَيْرِ التَّحْرِيمِ إِذْ لَوْ كَانَ عَلَى طَرِيقِ التَّحْرِيمِ لَمْ يَكْتَوِ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ بَعْدَ عِلْمِهِ بِالنَّهْيِ غَيْرَ أَنَّهُ رَكِبَ الْمَكْرُوهَ فَفَارَقَهُ مَلَكٌ كَانَ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ فَحَزِنَ عَلَى ذَلِكَ، وَقَالَ هَذَا الْقَوْلَ: ثُمَّ قَدْ رُوِيَ أَنَّهُ عَادَ إِلَيْهِ قَبْلَ مَوْتِهِ، وَإِذَا كَانَ الْكَيُّ بِحُكْمِ هَذِهِ الْأَخْبَارِ مَكْرُوهًا فَارَقَ حُكْمُهُ حُكْمَ سَائِرِ الْأَسْبَابِ الَّتِي لَيْسَتْ فِيهَا كَرَاهِيَةٌ حِينَ اسْتَحَقَّ تَارِكُهُ الثَّنَاءَ الَّذِي قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ، وَأَمَّا الِاسْتِرْقَاءُ، فَقَدُ رُوِّينَا الرُّخْصَةَ فِيهِ بِمَا يُعْلَمُ مِنْ كِتَابِ اللهِ أَوْ ذِكْرِهِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهِيَةٍ؛ وَإِنَّمَا الْكَرَاهِيَةُ فِيمَا لَا نَعْلَمُ مِنْ لِسَانِ الْيَهُودِ وَغَيْرِهِمْ فَكَانَ التَّارِكُ لَمَّا كَانَ مَكْرُوهًا هُوَ الْمُسْتَحِقُّ لِهَذَا الثَّنَاءِ، وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا هُوَ الْمُرَادَ بِمَا رَوَى عَقَّارُ بْنُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنِ اكْتَوَى أَوِ اسْتَرْقَى فَقَدْ بَرِئِ مِنَ التَّوَكُّلِ "