الثَّاني عَشَرَ مِنْ شُعَبِ الْإِيمَانِ بَابٌ فِي الرَّجَاءِ مِنَ اللهِ تَعَالَى وَفِيهِ فُصُولٌ قَالَ الْحَلِيمِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: " وَهُوَ عَلَى وُجُوهٍ أَحَدُهَا: رَجَاءُ الظَّفَرِ بِالْمَطْلُوبِ، وَالْوُصُولِ إِلَى الْمَحْبُوبِ وَالثَّانِي: رَجَاءُ دَوَامِهِ بَعْدَ مَا حَصَلَ، وَالثَّالِثُ: رَجَاءُ دَفْعِ الْمَكْرُوهِ وَصَرْفِهِ كَيْ لَا يَقَعَ، وَالرَّابِعُ: رَجَاءُ الدَّفْعِ وَالْإِمَاطَةِ لَمَا قَدْ وَقَعَ، وَكُلُّ ذَلِكَ حَسَنٌ جَمِيلٌ عَلَى التَّفْصِيلِ الَّذِي سَأَذْكُرُهُ لِلدُّعَاءِ، وَإِذَا اسْتَحْكَمَ الرَّجَاءُ حَدَثَ عَنْهُ مِنَ التَّخَشُّعِ وَالتَّذَلُّلِ نَحْوَ مَا يَحْدُثُ عَنِ الْخَوْفِ إِذَا اسْتَحْكَمَ، لِأَنَّ الْخَوْفَ وَالرَّجَاءَ مُتَنَاسِبَانِ، إِذِ الْخَائِفُ فِي حَالِ خَوْفِهِ يَرْجُو خِلَافَ مَا يَخَافُهُ، وَيَدْعُو اللهَ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ، وَيَسْأَلُهُ إِيَّاهُ، وَالرَّاجِي فِي حَالِ رَجَائِهِ خَائِفٌ خلاف مَا يَرْجُو، وَيَسْتَعِيذُ بِاللهِ مِنْهُ، وَيَسْأَلُهُ صَرَفَهُ، وَلَا خَائِفَ إِلَّا وَهُوَ رَاجٍ، وَلَا رَاجِيَ إِلَّا وَهُوَ خَائِفٌ - وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِيهِ إِلَى أَنْ قَالَ - وَلِأَجْلِ تَنَاسُبِ الْأَمْرَيْنِ قَرَنَ اللهُ تَعَالَى بِهِمَا فِي غَيْرِ آيَةٍ مِنْ كِتَابِهِ فَقَالَ: {وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَةَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ}: فَالْخَوْفُ: الْإِشْفَاقُ، وَالطَّمَعُ: الرَّجَاءُ، وَقَالَ فِي قَوْمٍ مَدَحَهُمْ وَأَثْنَى عَلَيْهِمْ: {يَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ} [الإسراء: 57] وَقَالَ: {وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} [الأنبياء: 90]: فَالرَّغْبَةُ: الرَّجَاءُ، وَالرَّهْبَةُ: الْخَوْفُ "