905 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ الْحَنَّاطُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ قَالَ: بَيْنَا أَنَا ذَاتَ يَوْمٍ جَالِسٌ بِالشَّامِ فِي قُبَّةٍ لَيْسَ عَلَيْهَا بَابٌ إِلَّا كِسَاءٌ مُسْبَلٌ إِذْ أَنَا بِامْرَأَةٍ تَدُقُّ عَلَى الْحَائِطِ فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَتِ: امْرَأَةٌ ضَالَّةٌ دُلَّنِي عَلَى الطَّرِيقِ - رَحِمَكَ اللهُ - فَقُلْتُ: عَنْ أَيِ الطَّرِيقَيْنِ تَسْأَلِينَ؟ فَبَكَتْ ثُمَّ قَالَتْ: عَنْ طَرِيقِ النَّجَاةِ فَقُلْتُ: هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لَا يُقْطَعُ ذَاكَ الطَّرِيقُ، إِلَّا بِالسَّيْرِ الْحَثِيثِ فِي الْجَدِّ وَتَصْحِيحِ الْمُعَامَلَةِ وَحَذْفِ الْعَلَائِقِ الشَّاغِلَةِ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَبَكَتْ ثُمَّ قَالَتْ: أَمَّا عَلَائِقُ الدُّنْيَا فَفَهِمْتُهَا فَمَا عَلَائِقُ الْآخِرَةِ؟ فَقُلْتُ: لَوْ وَافَيْتِ الْقِيَامَةَ بِعَمَلِ سَبْعِينَ نَبِيًّا لَمْ يَكُنْ لَكَ إِلَّا مَا كُتِبَ لَكَ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ وَإِنَّ لِجَهَنَّمَ زَفْرَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لَوْ كَانَ مَعَكِ عَمَلُ سَبْعِينَ نَبِيًّا مَا كَانَ بُدٌّ مِنْ أَنْ تَرِدِيهَا. قَالَ: فَصَرَخَتْ ثُمَّ قَالَتْ: " سُبْحَانَ مَنْ صَانَ عَلَيْكَ جَوَارِحَكَ فَلَمْ تَتَقَطَّعْ سُبْحَانَ مَنْ أَمْسَكَ عَلَيْكَ قَلْبَكَ فَلَمْ يَتَصَدَّعْ ثُمَّ سَقَطَتْ مَغْشِيًّا عَلَيْهَا قَالَ ابْنُ أَبِي الْحُوَارِيِّ: وَكَانَتْ عِنْدَنَا جَارِيَةٌ مِنَ الْمُتَعَبِّدَاتِ فَقُلْتُ لَهَا: اخْرُجِي فَانْظُرِي مَا قِصَّةُ هَذَا الْمَرْأَةِ قَالَ: فَخَرَجَتْ فَنَظَرَتْ إِلَيْهَا فَإِذَا هِيَ قَدْ فَارَقَتِ الدُّنْيَا وَإِذَا فِي جَيْبِهَا رُقْعَةٌ مَكْتُوبٌ فِيهَا: كَفِّنُونِي فِي أَثْوَابِي فَإِنْ يَكُ لِي عِنْدَ رَبِّي خَيْرٌ فَسَيُبْدِلْنِي مَا هُوَ خَيْرٌ لِي مِنْهَا وَإِنْ يَكُ غَيْرُ ذَلِكَ فَبُعْدًا لِنَفْسِي وَسُحْقًا. قَالَ ابْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ: وَإِذَا خَدَمٌ قَدْ أَحَاطُوا بِالْجَارِيَةِ فَقُلْتُ لِبَعْضِهِمْ: مَا قِصَّةُ هَذِهِ الْجَارِيَةِ؟ فَقَالُوا: يَا أَبَا الْحَسَنِ هَذِهِ جَارِيَةٌ كَانَ يَظْهَرُ بِهَا شَيْءٌ نَظُنُّ أَنَّهَا مُصَابَةٌ بِعَقْلِهَا وَكَانَ الَّذِي بِهَا يَمْنَعُهَا مِنَ الْمَطْعَمِ وَالْمَشْرَبِ وَكَانَتْ تَشْكُو إِلَيْنَا وَجَعًا فِي جَوْفِهَا فَكُنَّا نَعْرِضُ عَلَيْهَا الْأَطِبَّاءَ فَكَانَتْ تَقُولُ: أُرِيدُ مُتَطَبِّبًا أَشْكُو إِلَيْهِ بَعْضَ مَا أَجِدُ مِنْ دَائِي عَسَى أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ شِفَائِي "