رابعًا: ولعلّ النقطة الأبرز في بحث القائلين بالتدرّج تكمن في الاستطاعة، فالذي يقول بالتدرّج إنّما يستند إلى قوله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (البقرة: 286).

وفي رأيه لن يستطيع المسلمون اليوم إذا وصلوا إلى السلطة أن يطبّقوا الإسلام تطبيقًا شاملًا، لأن ذلك من شأنه إقامة الفتنة وإثارةُ البلبلة في المجتمع الإسلامي الناشئ.

ونقول ردًّا على هؤلاء: إن الاستطاعة الشرعيّة التي تلجئ إلى الحرام ـ وهو هنا تطبيق غير ما أنزل الله ـ معروفة شرعًا ومحدّدة، وهي غير ما يُتوهّم من فتن واضطرابات، فمظنة وقوع الفتنة لأجل تطبيق الإسلام لا تشكِّل عذرًا شرعيًا للوقوع في الحرام، وهو تطبيق أحكام الكفر ـ مع الإيمان بعدم صلاحها ـ وقد أجمع الصحابة أيام الخليفة أبي بكر الصديق سدد خطاكم على محاربة مانعي الزكاة من المرتدّين، وقد كان أحرى بأبي بكر سدد خطاكم أن يتجنّب الفتنة، وأن يحقن دماء المسلمين، وأن لا يُقْدِم على محاربة غالبية قبائل العرب، والتي كانت قد منعت الزكاة بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لقلّة إمكاناته، لكنه ـ والصحابة معه - رضي الله عنهم - لم يقبل تعطيل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015