إسار الشهوات والضرورات التي تثقله وتشده إلى الأرض، لينطلق خفيفا صافيا شفيفا يسبح الله ويفرح بهداه.
نعم، يبذل الإسلام ذلك الجهد الضخم كله «لتنظيف القلب»، ومن صميم مهمة الدين إذن في تنظيف القلب كانت هذه التشريعات وهذه التوجيهات التي تتناول الأسرة والمجتمع، وسياسة الحكم، وسياسة المال.
يستوي في ذلك التشريع الاقتصادي، والتشريع السياسي، والتشريع الجنائي، والتشريع المدني، والتشريع الدولي، والتوجيهات العديدة المتعلقة بكل هذه الشئون.
ولم يكن الإسلام ـ وهو جاد في تناول الإنسان والحياة البشرية بالتنظيم والتنظيف ـ ليغفل هذه الشئون الواقعية كلها، وينصرف إلى تهذيب الضمير في عالم المثل والأحلام.
ولم يكن رسول الإسلام - صلى الله عليه وآله وسلم - ليتخلى عن مهمته الهائلة في ذلك الشأن، وينفض يديه منها، ويقول للناس: «أَنْتُمْ أَعْلَمُ بِأَمْرِ دُنْيَاكُمْ»، أي تصرفوا أنتم في تشريعاتكم وتنظيماتكم، في سياسة المال وفي سياسة الحكم، في علاقات المجتمع، وفي القوانين التي تنظم الحياة.