بسياساتها وتنظيماتها. فلا يدَعُون لدين الله ولرسول الله مهمة غير «تنظيف القلب البشري وهدايته» بالمعنى الروحي الخالص، الذي لا شأن له بواقع الحياة اليومي، ولا شأن له بتنظيم المجتمع وسياسة الأمور فيه. ثم يسندون هذا اللون من التفكير للرسول - صلى الله عليه وآله وسلم -، ويجعلونه ـ هو - صلى الله عليه وآله وسلم - ـ شاهدًا عليه!!
ولكن قليلًا من النظر كان جديرًا أن يردهم إلى التفكير الصائب والتقدير الصحيح، ويرفع عنهم هذه الذلة الفكرية التي يعانونها إزاء الغرب، فتلوي أفكارهم ـ بوعي أو بغير وعي ـ وتفسد مشاعرهم فينحرفون عن السبيل.
لو كان الإسلام رسالة روحية بالمعنى المفهوم لهذا اللفظ ـ المعنى الوجداني الخالص الذي لا شأن له بواقع الحياة اليومي ـ ففيم إذن كان هذا الحشد الهائل من التشريعات والتوجيهات في القرآن والحديث؟
وفيم إذن يقول الله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (الحشر: 7)، ثم يعقب في نفس الآية بالتهديد للمخالفين: {وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}.