كَتَبَ إِلَيَّ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُثْمَانَ الدِّمَشْقِيُّ، وَحَدَّثَنِيهِ عَنْهُ، مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ النَّيْسَابُورِيُّ، أَنَّ أَبَا الْمَيْمُونِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيَّ، أَخْبَرَهُمْ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو زُرْعَةَ هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرٍو النَّصْرِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُسْهِرٍ، يُسْأَلُ عَنِ الرَّجُلِ، يَغْلَطُ وَيَهِمُ وَيُصَحِّفُ، فَقَالَ: " بَيِّنْ أَمْرَهُ. فَقُلْتُ لِأَبِي مُسْهِرٍ: أَتَرَى ذَلِكَ مِنَ الْغِيبَةِ؟ قَالَ: لَا " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدِ اسْتَوْفَيْنَا الْكَلَامَ فِي هَذَا الْمَعْنَى فِي كِتَابِنَا الْمَعْرُوفِ بِـ «الْكِفَايَةِ» فَغَنَيْنَا عَنْ إِعَادَتِهِ فِي هَذَا الْكِتَابِ. ثُمَّ نَعُودُ إِلَى الْكَلَامِ فِي مَعْنَى أَوَّلِ الْفَصْلِ فَنَقُولُ: إِنَّ الثَّوْرِيَّ عَنَى بِقَوْلِهِ الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهُ، غَرَائِبَ الْأَحَادِيثِ وَمَنَاكِيرَهَا، دُونَ مَعْرُوفِهَا وَمَشْهُورِهَا. لِأَنَّ الْأَخْبَارَ الشَّاذَّةَ وَالْأَحَادِيثَ الْمُنْكَرَةَ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَى. فَرَأَى الثَّوْرِيُّ أَنْ لَا خَيْرَ فِيهَا، إِذْ رِوَايَةُ الثِّقَاتِ بِخِلَافِهَا، وَعَمَلَ الْفُقَهَاءُ عَلَى ضِدِّهَا. وَقَدْ وَرَدَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ، سِوَى الثَّوْرِيِّ، كَرَاهَةُ الِاشْتِغَالِ بِهَا، وَذَهَابِ الْأَوْقَاتِ فِي طَلَبِهَا