قال ابن الحاجب: وبه سمي بلفظ الفاعل الذي هو وزن اسم الفاعل عن الثلاثي لكثرة الثلاثي، فجعلوا أصل الباب له فلم يقولوا اسم المفعل والمستفعل وفيما قال نظر؛ لأنه ليس القصد بقولهم اسم الفاعل اسم الصيغة الآتية على وزن فاعل، بل إيراد اسم ما فعل الشيء وهو الفاعل لا المفعول، فإنه اسم من وقع عليه الفعل، والمستفعل بمعنى الذي فعل الشيء إذا لم يأت المفعل والمستفعل بمعنى الذي فعل الشيء بخلاف الفاعل؛ فإنه جاء بمعنى الذي فعل الشيء، وإنما أطلقوا اسم الفاعل على من لم يفعل الفعل كالمنكسر والمتدحرج والجاهل والضامر؛ لأن الأغلب فيما بني له هذه الصيغة؛ أي الصيغة التي تسمى في الاصطلاح اسم الفاعل أن يفعل فعلا كالقائم والقاعد والمخرج والمستخرج "وهو اسم" يتناول غير المقصود وقوله: "مشتق" بالذات "من المضارع" يخرج المصادر وأسماء الذوات، وإنما حكم بكونه مشتقا من المضارع دون غيره لموازنته إياه في الحركات والسكنات والمفهوم من كلام بعضهم أنه مشتق من الماضي فكأنه نظر إلى أن الماضي أصل بالنسبة إلى المضارع، وأن التصرف في الاشتقاق من الماضي أقل وقوله: "لمن قام به الفعل" في الجملة فيدخل فيه نحو: زيد مقابل عمرو أو أنا مقرب من فلان أو مبتعد منه أو مجتمع معه، فإن هذه الأحداث نسبة بين الفاعل والمفعول لا يقوم بأحدهما معينا دون الآخر إلا أن قيامه ينسب إلى ما ينسب إليه الحدث صريحا ولا يعتبر قيامه بما نصب إليه ضمنا فكأنه قام بأحدهما معينا ويخرج أسماء المفعول والموضع والزمان والآلة دون أفعل التفضيل؛ لأن زيادة الكرم مثلا كرم فيصدق عليه أنه قام به الفعل، والأولى أن يقول لما قام، وذلك لأن المجهول أمره يذكر بلفظ ما واسم الفاعل لم يوضع للشيء باعتبار كونه عاقلا، بل وضع لمعنى قائم بذات عاقلة كانت تلك الذات أو غير عاقلة، ولعله قصد تغليب العاقل على غير العاقل وقوله: "بمعنى الحدوث" بحسب الوضع فدخل فيه نحو: مؤمن وكافر وواجب ودائم وباق وضامر في فرس ضامر وعالم في الله عالم يخرج الصفة المشبهة؛ لأن وضعها على الإطلاق لا الحدوث ولا الاستمرار، فإن قصد بها الحدوث ردت إلى صيغة اسم الفاعل فيقال: في حسن حاسن الآن أو غدا، وكذلك يخرج أفعل التفضيل؛ لأن معناه ليس بمقيد بأحد الأزمنة كالصفة المشبهة فمعنى كريم وأكرم شخص ثبت له الكرم وزيادة لا أنهما حدثا له "واشتق" اسم الفاعل "منه"؛ أي من المضارع "لمناسبتهما"؛ أي لمناسبة كل واحد من اسم الفاعل والمضارع الآخر