ولقد تشدد شيوخ هذه المدرسة في ((الاطراد في القواعد)) تشددا جعلهم ((يطرحون الشاذ، ولا يعولون عليه في قليل أو كثير، وكلما اصطدموا به خطأوه أوأولوه)) (?)، وأما من حيث الاستقراء ((فقد اشترطوا صحة المادة التي يشتقون منها قواعدهم، ومن أجل ذلك رحلوا إلى أعماق نجد وبوادي الحجاز وتهامة؛ يجمعون تلك المادة من ينابيعها الصافية التي لم تفسدها الحضارة، وبعبارة أخرى رحلوا إلى القبائل المتبدية المحتفظة بملكة اللغة وسليقتها الصحيحة، وهي قبائل تميم وقيس وأسد وطيئ، وبعض عشائر كنانة)) (?)، فقد ((كانت لغة البدو هي القدوة المثلى والنموذج الرفيع)) (?). وفكرتهم في ذلك ((أن الانعزال في كبد الصحراء وعدم الاتصال بالأجناس الأجنبية يحفظ للغة نقاوتها، ويصونها من أي مؤثر خارجي، وأن الاختلاط يفسد اللغة، وينحرف بالألسنة)) (?)، فهم يرون في ((الاختلاط بغير العرب سبيلا لفساد القول، واختلاط اللسان، وموردا لكثير من الألفاظ والأساليب، وطرق التعبير التي لا تعرفها العربية)) (?).

فقد رأوا أن ((الحضر قد فسد بالاختلاط، بل كانوا لا يأخذون عن البدوي إلا إذا لم يفسده الحضر، فكانوا لا يأخذون عن الأعرابي إذا فهم القول الملحون)) (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015