الأول: إن الكلام عن المنهج، أومناهج علماء اللغة لا يستأثر به باحث في مجال لغوي معين عن باحث آخر، فالمتخصص في الدراسات النحوية ليس بأولى بالكتابة في هذا الموضوع من المتخصص في الدراسات البلاغية أوالمتخصص في اللغة، أوالعكس، بل هو ـ كما يعتقد الباحث ـ متاح للجميع بلا تثريب. كما أن الدعوى برفض الدراسات البينية، والاقتصار على الدراسات المتخصصة أمر يجده الباحث فيه نوع تعنت، وإغلاق لأبواب اجتهاد جديدة، فالأمر فيه سعة.

ولم نجد عند علمائنا الأقدمين هذا الفصل الحاد بين علوم اللسان العربي، فـ

((كتاب)) سيبويه مثلا ساهم في الدراسات الأدبية إسهاما ملحوظا، ((ويكفي دلالة على دوره في تنمية البحث الفني في لغة الأدب رجوع عبد القاهر الجرجاني إلى الأصول التي سنها سيبويه، والأمثلة التي أوردها في كثير من قضايا اللغة الأدبية، نضيف إلى ذلك مؤلفات لغوية أخرى مثل الخصائص لابن جني والصاحبي لابن فارس وفقه اللغة للثعالبي، كما نضيف ذلك الفرع من الدراسات اللغوية حول القرآن (...) وبإمكاننا الزعم بأن الأفكار التي أثيرت في تلك البيئة من بيئات البحث كانت وراء كثير من الانتقالات في تاريخ البحث في لغة الأدب)) (?).

كما نجد في كثير من كتب أصول الفقه ((بدءا من ((رسالة)) الشافعي ومرورا بأمهات كتب الأصول مثل ((المعتمد)) لأبي الحسين البصري، و ((المستصفى)) للغزالي، و ((المحصول)) للرازي وغيرها، [أنَّ] هذه المؤلفات تضم في ثناياها ـ بخاصة في مقدماتها ـ كثيرا من المباحث الدائرة حول اللغة في مختلف صور استخدامها، وحول كثير من مستويات بحثها، بخاصة ما يتصل بالصيغة والتركيب والدلالة)) (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015