إنّ الزيارةَ في الحياة ولا أرى ... ميتاً إذا دَخلَ القُبورَ يُزارُ
ولقد همَمتَ بسَوءة وفَعلتَها ... في اللحدِ حيثُ تمكّنَ المِحفارُ
لمّا رأتْ ضَبُعَي بُليّة أجهشَتْ ... والأرضُ غير ثلاثِهِنّ قِفارُ
لمّا جَننتَ اليومَ منها أعظُماً ... يَبرقْنَ بين فُصوصِهِنّ فَقارُ
أفبَعدَ ما أكلَ الضُباعُ رَحيبَها ... تَذرِي الدُموعَ أهانَكَ القَهّارُ
ورَثَيتَها وفَضَحتَها في قبرِها ... ما مِثلَ ذلكَ تفعلً الأخيارُ
وأكلتَ ما ذَخرتْ لنفسكَ دونهَا ... والجَدْبُ فيهِ تَفاضَلُ الأبرارُ
في الجدب تُختبر الناس.
آثرتَ نفسكَ باللّويّة والتي ... كانتْ لها ولمِثلها الأذخارُ
قال: اللوية طعام تدّخره المرأة، فتوثر به زوجها، وصَبيها، وبعض قرابتها، من والد أو والدة
وغيرهما.
وترى اللئيمَ كَذاكَ دونَ عِيالِهِ ... وعلى قَعيدَتِهِ لهُ اسئثارُ
ويروى قعيدة بيته. وقوله وعلى قعيدته، قال: قعيدة الرجل ربة بيته، وهي امرأته. يقول: يستأثر
عليها في المأكل والمشرب، يعيره بذلك. يقول ليس كذلك يفعل الحر ر يستأثر على امرأته شيئا.
ينسى حَليلتهُ إذا ما أجدَبتْ ... ويهَيجُهُ لِبُكائِها القُسبارُ
ويروى أخصب ذكرها. وقوله القُسبار، هو ذكر الرجل العظيم.
أنَسيتَ صُحبَتَها ومَنْ يَكُ مُقرفاً ... تخرجُ مُغيّبَ سِرّهِ الأخبارُ
لمّا شَبِعتَ ذَكَرتَ ريحَ كِسائِها ... وتَرَكتها وشِتاؤها هَرّارُ
قوله وتركتها، يعني خالدة بنت سعد بن أوس أم حزرة. وقوله وشتاؤها هرّار، يريد شتاؤها شديد
البرد يهر الناس من شدته.