شرح نخبه الفكر (صفحة 403)

الحادي عشر: أن يتخذ مستملياً يبلغ عنه إذا كثر الجمع فذلك دأب أكابر المحدثين المتصدين لمثل ذلك، ممن روي عنه ذلك مالك وشعبة ووكيع وأبو عاصم ويزيد بن هارون في عدد كثير من الأعلام السالفين، وليكن المستملي محصلاً متيقظاً، المستملي من هو؟ يعني الشيخ لا يبلغ من في آخر المجلس، بعض الشيوخ يحضر عنده عشرات الألوف وليس هناك مكبرات فكيف يسمع من كان في آخر المجلس؟ يتخذون مستملين، واحد في الجهة اليمنى، واحد في اليسرى، وواحد في الوسط، إذا قال الشيخ كلمة أعادها هؤلاء ليسمعها البعيد، لكن هذا المستملي ينبغي أن يكون متيقظاً محصلاً عنده شيء من العلم، ما يكون عامي ما يفهم شيء، يبلغ الشيء على غير وجهه، ولا يكون غبي كي لا يقع في مثل ما روينا أن يزيد بن هارون سئل عن حديث فقال: "حدثنا به عدة" حدثنا به عدة، فصاح به المستملي: يا أبا خالد عدة ابن من؟ فقال له: عدة ابن فقدتك، هذا ما يفهم لا بد أن يكون الذي يتولى التبليغ عن الشيخ فطن، عنده شيء من التحصيل، وعليه أن يتبع لفظ المحدث فيؤديه على وجهه من غير خلاف.

فيحسن بالمحدث الثناء على شيخه في حال الرواية عنه بما هو أهل له، فقد فعل ذلك غير واحد من السلف والعلماء، كما روي عن عطاء بن أبي رباح أنه كان إذا حدث عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "حدثني البحر" وعن وكيع أنه قال: "حثنا سفيان أمير المؤمنين في الحديث" نعم يثني على الشيخ من باب المكافئة أن يثني على شيخه وليس المراد الثناء لذاته، وإنما المراد أن يؤخذ العلم عن هذا الشيخ، من أجل أن يؤخذ العلم عن هذا الشيخ، وليعلم أن الشيخ بحاجة إلى الدعاء أكثر من حاجته إلى الثناء، والله المستعان.

من آداب طالب العلم، طالب الحديث وغيره من العلوم: أن يخلص النية لله -سبحانه وتعالى-، وأن يحذر من أن يتخذ علمه وصلة إلى شيء من الأغراض الدنيوية، فقد قال حماد بن سلمة: "من طلب الحديث لغير الله مكر به".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015