يعني إذا كنا لا نقبل الحديث إلا إذا كان سنده صحيح بمعنى أن رواته ثقات ومتصل وسلم من المعارضة، لماذا لا نجري العلم أو ذلك العلم الذي هو الميزان المعتبر عند أهل الحديث لماذا لا نجريه على بقية العلوم؟ كعلم الرجال مثلاً، أثرنا عن الإمام أحمد قول لماذا لا ندرس إسناد هذا القول إلى الإمام أحمد؟ وجدنا قول للإمام يحيى بن معين لماذا لا ننظر في إسناد هذا القول إلى الإمام يحيى بن معين؟ هذا ما تولاه أهل العلم الذين اعتنوا في كتب تراجم الرواة، من طالع مقدمة تهذيب الكمال وغيره من كتب الرجال عرف أنهم عنوا بذلك، وأنهم إنما نسبوا إلى الأئمة ما ثبت عنهم.
هل يجوز أن ألقب نفسي؟
كون الشخص يلقب نفسه بمثل هذا لا شك أنه ينبغي أن يعدل عنه؛ لأن اللقب: ما يشعر بمدح أو ذم كما هو مقرر عند أهل العلم، فيلقب نفسه بما يشعر بالمدح من غير تزكية، وإن لقب نفسه بذم يفهم منه تواضعه فلا بأس، لكن إذا عُرف جرى على لسانه كلمة ولزمها فلقبه الناس بهذه الكلمة التي لزمها، كان يكثر من: "الله المستعان"، قالوا: "جاء الله المستعان"، وقصدهم بذلك الذي يكثر من هذه الكلمة، كما أنه نسب بعض العلماء إلى كتاب من الكتب وليس الكتاب من مؤلفاته، نسب إلى شخص وليس من آبائه؛ لأنه معجب به، شخص يديم النظر في البخاري يقول: جاء البخاري، راح البخاري، وهو لا علاقة له بالبخاري، لكنه مهتم بصحيح البخاري يديم النظر في صحيح البخاري، لو شخص ديدنه القرآن ينظر فيه ليل نهار ولا يعدل عنه إلى غيره، جاء القرآني، راح القرآني، إيش اللي يمنع؟ محيي الدين الكافيجي أفنى عمره في إقراء كافية ابن الحاجب في النحو فصار كافيجي، تركيب من الكافية ونسب إليها، وهكذا، المقصود أن اللقب ما يشعر بمدح أو ذم، فإن كان هذا المدح لا يشعر بتزكية من الشخص نفسه فلا مانع من أن يلقب نفسه به.
إذا عني الشخص بالحديث وغلب عليه بحيث صار ممن يشار إليه في هذا الشأن وعد من أهله، إيش المانع أن يقال: هذا محدث وهذا أثري وهذا .. ؟ انتسب إلى الأثر جمع من أهل العلم، فلان ابن فلان الأثري، والمقصود به الانتساب إلى علم الأثر، وهو الحديث، والله أعلم.