لو افترضنا أن زيد من الناس جلس للإقراء وطال عمره مكث سبعين سنة يقرئ الناس في بداية جلوسه للإقراء تصور أنه سنة ألف وأربعمائة بدأ يقرئ الناس، حضر عنده شخص في أول جلوسه للناس سنة ألف وأربعمائة، نعم، وحضر عنده سنة كاملة بحيث صار من ألزم طلابه له، ثم مات في هذه السنة سنة ألف وأربعمائة، ثم مكث الشيخ سبعين سنة يقرئ الناس من ألف وأربعمائة إلى ألف وأربعمائة وسبعين، في آخر سنة قرأ عليه شخص، الأول مات سنة كم؟ الطالب الأول مات سنة كم؟ ألف وأربعمائة، والثاني: الذي بدأ الطلب في سنة ألف وأربعمائة وسبعين وهذا مثال نعم، عمّر ولم يمت إلا بعد سبعين سنة، تصور أنه لما قرأ عليه سنة ألف وأربعمائة وسبعين عمره عشرين سنة، وعمر تسعين سنة أضف السبعين إلى السبعين الأولى كم يصير؟ ألف وخمسمائة وأربعين، يكون كم بين وفاة التلميذ الأول والتلميذ الثاني؟ مائة وأربعين سنة، هذا متصور وإلا ما هو متصور؟ يكون بين وفاة الاثنين وهما من طلاب ذلك الشخص مائة وأربعين سنة، وهذا متصور، يعني كيف يقال زملاء قرءا على شيخ واحد وبينهما مائة وأربعين سنة؟ هذا السابق واللاحق، وهذا موجود في الرواة، وصورته ما سمعتم، مثاله: روى الإمام البخاري في تاريخه عن محمد بن إسحاق السراج النيسابوري، روى الإمام البخاري في تاريخه عن محمد بن إسحاق السراج، وروى عنه أبو الحسين أحمد بن محمد الخفاف النيسابوري وبين وفاتيهما، بين وفاة البخاري ووفاة الخفاف مائة وسبعة وثلاثون سنة أو أكثر، وذلك أن البخاري مات سنة ست وخمسين ومائتين، ومات الخفاف سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة، يعني سبعة وثلاثين ومائة سنة، وهو نظير ما ذكرناه في المثال.
ومثل له الخطيب برواية الزهري عن الإمام مالك وروى عنه أيضاً زكريا بن دويد الكندي وبين وفاتيهما مائة وسبع وثلاثون سنة أو أكثر، كذا مثل الخطيب بابن دويد ولا ينبغي أن يمثل به لأنه كذاب، فالصواب أن آخر أصحاب مالك أحمد بن إسماعيل السهمي مات سنة تسع وخمسين ومائتين وبينه وبين الزهري مائة وخمس وثلاثون سنة، بين وفاته وبين وفاة الزهري مائة وخمسة وثلاثون سنة، وكلاهما أخذ عن الإمام مالك.