"وفيه المساواة وهو استواء عدد الإسناد من الراوي إلى آخره مع إسناد أحد المصنفين" المساواة يعني في البخاري حديث تساعي وعند الحافظ العراقي أحاديث تساعيات ساوى فيها البخاري هذه مساواة، لكن هل هو عالي عند البخاري وإلا نازل؟ تساعي؟ نازل جداً، عالي عند الحافظ العراقي وإلا نازل؟ عالي جداً؛ لأن البخاري -رحمه الله- مات سنة مائتين وستة وخمسين، والعراقي مات سنة ثمانمائة وستة، بينهم خمسة قرون ونصف، ويروي الحديث عن النبي -عليه الصلاة والسلام- بواسطة تسعة، والعراقي يروي الحديث بواسطة تسعة، هذا عالي بالنسبة للعراقي وهذا نازل بالنسبة للبخاري.
"وفيه المصافحة وهي الاستواء مع تلميذ ذلك المصنف" فكأن الإمام العالم المتأخر صافح ذلك الإمام القديم؛ لأنه ساوى تلميذ ذلك المصنف القديم فكأنه صافحه، لما عرف الحافظ العلو ووضح المراد به، وذكر قسميه المطلق والنسبي، ذكر أقسام ثاني نوعيه وهو النسبي، فأول هذه الأقسام: الموافقة، وعرفها ابن الصلاح بقوله: هي أن يقع لك الحديث عن شيخ مسلم فيه مثلاً عالياً بعدد أقل من العدد الذي يقع لك ذلك الحديث عن ذلك الشيخ إذا رويته عن مسلم عنه، ومثل له الحافظ بما إذا روى البخاري عن قتيبة عن مالك حديثاً فلو رويناه من طريقه، يعني لو رويناه من طريق البخاري كان بيننا وبين قتيبة ثمانية، هذا كلام الحافظ، ولو روينا ذلك الحديث بعينه من طريق أبي العباس السراج عن قتيبة مثلاً لكان بيننا وبين قتيبة سبعة، فقد حصلت لنا الموافقة مع البخاري في شيخه بعينه مع علو الإسناد على الإسناد إليه.
هذه الأنواع يعتني بها كثير من الذين يصنفون في التراجم والسير، والحافظ الذهبي يعتني بذلك كثيراً في سير أعلام النبلاء وفي تاريخ الإسلام وفي تذكرة الحفاظ، ويذكر من أحاديث المترجم ما يقع له عالياً، يعتني بذلك كثيراً.